للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في (الموسوعة الفقهية) مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ مَنْ قَتَل نَفْسَهُ خَطَأً لَا تَجِبُ الدِّيَةُ بِقَتْلِهِ وَلَا تَحْمِل الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ.

لأِنَّ عَامِرَ بْنَ الأْكْوَعِ بَارَزَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَمَاتَ، وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَوْ وَجَبَتْ لَبَيَّنَهُ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَّارَةِ: فَقَدْ قَال الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ.

وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: لَا تَجِبُ؛ لأِنَّ الْكَفَّارَةَ مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ الْقَتْل، فَإِذَا حَصَل الْقَتْل بَطَل الْخِطَابُ بِهَا كَمَا تَسْقُطُ دِيَتُهُ عَنِ الْعَاقِلَةِ لِوَرَثَتِه. (الموسوعة).

والراجح - والله أعلم -: أن من قتل نفسه خطأ فلا تجب الدية بقتله ولا تجب الكفارة في ماله.

وقد بوب البخاري رحمه الله لحديث عامر بن الأكوع -رضي الله عنه- بقوله: بَابُ إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً فَلَا دِيَةَ لَهُ.

قال ابن بطال رحمه الله:

" اختلف العلماء في من قتل نفسه، فقالت طائفة: لا تعقل العاقلة أحدًا أصاب نفسه بشيء عمدًا أو خطأ، [أي لا تتحمل العاقلة ديته] هذا قول ربيعة ومالك والثوري وأبى حنيفة والشافعي. وقال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: ديته على عاقلته … وحديث سلمة بن الكوع حجة للقول الأول؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يوجب له دية على عاقلته ولا غيرها، ولو وجبت على العاقلة لبين ذلك؛ لأن هذا موضع يحتاج إلى بيان، وأيضًا: فإن الدية إنما وجبت على العاقلة تخفيفًا على الجاني فإذا لم يجب على الجاني لأحدٍ شيء لم يحتج إلى التخفيف عنه، وجعلت الدية أيضًا على العاقلة معونة للجاني فتؤدى إلى غيره، فمحال أن يؤدى عنه إليه. (شرح البخاري)

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: من قتل نفسه خطأ فلا دية ولا كفارة عليه، ولا يجب شيء من ذلك على أحد من قرابته.

<<  <  ج: ص:  >  >>