لأن الإحصان يطلق على الحرية كما في قوله تعالى (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) أي: الحرائر، فالرقيق ليس محصناً بهذا المعنى على قول الجمهور.
فجمهور العلماء يرون اشتراط الحرية في المقذوف لإقامة الحد على القاذف.
قال القرطبي: وأجمع العلماء على أن الحر لا يجلد للعبد إذا افترى عليه لتباين مرتبتهما.
عن أبي هريرة قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (من قذف مملوكه وهو بريء مما قال، جلد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال).
وجه الدلالة: إنه لو وجب الجلد على السيد في قذف عبده في الدنيا لذكره -صلى الله عليه وسلم-؛ كما ذكر الجلد في الآخرة، و إنما خص الجلد بالآخرة تمييزاً للأحرار عن المملوكين في الدنيا، أما في الآخرة فان ملكهم يزول عنهم ويتكافئون في الحدود، ويقتص لكل منهم إلا أن يعفو، ولا مفاضلة حينئذ إلا بالتقوى.
قال النووي معلقاً على هذا الحديث: فيه إشارة إلى أنه لا حد على قاذف العبد في الدنيا، وهذا مجمع عليه، ولكن يعزر قاذفه؛ لأن العبد ليس بمحصن فيه، سواء من هو كامل الرق أو فيه شائبة حرية.
ومن المعقول: أن حرمة العبد ناقصة نقصاً أوجبه الرق، كالكافر فكل نقص منع أن يقتل به الحر المسلم منع أن يحد في القذف.
ولأن كل عبد قد منعه نقص الرق أن تؤخذ بنفسه نفس الحر، فكان أولى المنع من أن يؤخذ بعرضه عرض الحر.