للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الشرع قد جعل ذلك حقا له، فإن لم يعطه المضيف طوعاً، كان له أن يأخذه قهراً؛ إما بنفسه، أو عن طريق القضاء.

لما رواه أبو داود عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (وَأَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا فَلَمْ يَقْرُوهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاه).

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (أَيُّمَا ضَيْفٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ قِرَاهُ وَلَا حَرَجَ عَلَيْه).

وروى البخاري ومسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: (قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُم).

قال الإمام أحمد رحمه الله: يعني أن يأخذ من أرضهم وزرعهم وضرعهم بقدر ما يكفيه بغير إذنهم. (المغني).

وقال الشيخ ابن عثيمين: الضيف إذا نزل بشخص وامتنع من ضيافته فإن للضيف أن يأخذ من ماله ما يكفيه لضيافته بالمعروف من غير علمه؛ لأن الحق في هذا ظاهر؛ فإن الضيف إذا نزل بالشخص يجب عليه أن يضيفه يوماً وليلة حقاً واجباً، لا يحل له أن يتخلف عنه.

وذهب جمهور العلماء إلى أن الضيف لا يحل له أن يأخذ من مال مضيفه شيئا بغير إذنه، حتى ولو يقدم له ما ينبغي في ضيافته، أو لم يضفه أصلا؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد.

وهذا ظاهر على مذهب الجمهور الذين يرون الضيافة مكرمة ومستحبة، ولا يرون وجوبها من حيث الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>