وهذه المسألة لها أحوال:
أ- اتفق الفقهاء على جواز أخذ الأجرة على الأذان إذا كان ذلك من بيت المال، إلا أن الشافعية والحنابلة قيدوا ذلك بعدم وجود متبرع.
وإنما كان جائزاً إذا كان من بيت المال لأمور:
أولاً: أن ما يأخذه من بيت المال ليس عوضاً وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة.
ثانياً: أن بالمسلمين حاجة إلى الأذان والإقامة وقد لا يوجد متطوع بهما، وإذا لم يدفع الرزق فيهما تعطّلتا.
ثالثاً: أن بيت المال معدّ لمصالح المسلمين، فإذا كان بذله لمن يتعدى نفعه إلى المسلمين محتاجاً إليه كان من المصالح.
ب- أخذ الأجرة على الأذان من غير بيت المال، فهذه اختلف العلماء فيها على أقوال:
القول الأول: أنه لا يجوز.
وبه قال أبو حنيفة.
أ-لقوله تعالى (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
ب- ولحديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ -رضي الله عنه- (أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ اِجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي. قَالَ: "أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا) أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.
ج-ولأن الأذان قربة لفاعله، لا يصح إلا من مسلم، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه كالصوم والصلاة.
وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية أن أخذ الأجرة على القُرَب يفوّت الأجر بالاتفاق.
القول الثاني: أنه يجوز.
وهذا مذهب المالكية والشافعية.
أ-لحديث أبي محذورة وما جاء في تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- له الأذان، وفيه: ( … ثم دعا لي حين قضيت التأذين فأعطاني صُرةً فيها شيء من فضة) رواه أحمد والنسائي.
وقالوا: إن حديث (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) محمول على الندب والورع.
لكن أجاب أصحاب القول الأول عن حديث أبي محذورة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه صرة من فضة تأليفاً لقلبه وليس أجرةً على أذانه.
القول الثالث: أنه لا يجوز إلا في حالة الحاجة من غير شرط. (كأن يكون الآخذ فقيراً).
واختار هذا ابن تيمية.