للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً) وفي رواية (مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا) قَالَ القرطبيّ: اقتنى، واتّخذ، واكتسب كلّها بمعنى واحد (قِيرَاطٌ) قَالَ النوويّ: القيراط هنا مقدار معلوم عند الله تعالى، والمراد نقص جزء منْ أجزاء عمله.

فهذا الحديث: دليل على تحريم اقتناء الكلاب - إلا ما استثني - وأن من فعل ذلك نقص من أجره كل يوم قيراط.

ب-عن أبي طلحة. قال: قَال -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَدْخُل الْمَلَائِكَة بَيْتًا فِيهِ كَلْب وَلَا صُورَة) رواه مسلم.

قال النووي: وقد اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة، مثل أن يقتني كلبا إعجابا بصورته، أو للمفاخرة به: فهذا حرام، بلا خلاف.

وأما الحاجة التي يجوز الاقتناء لها: فقد ورد هذا الحديث بالترخيص لأحد ثلاثة أشياء، وهي الزرع والماشية والصيد، وهذا جائز بلا خلاف. واختلف أصحابنا في اقتنائه لحراسة الدور والدروب، وفي اقتناء الجرو ليُعَلَّم.

فمنهم من حرمه، لأن الرخصة إنما وردت في الثلاثة المتقدمة.

ومنهم من أباحه، وهو الأصح؛ لأنه في معناها. (شرح مسلم).

وقال النووي: وَسَبَب اِمْتِنَاعهمْ مِنْ بَيْت فِيهِ كَلْب لِكَثْرَةِ أَكْله النَّجَاسَات، وَلِأَنَّ بَعْضهَا يُسَمَّى شَيْطَانًا كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيث، وَالْمَلَائِكَة ضِدّ الشَّيَاطِين، وَلِقُبْحِ رَائِحَة الْكَلْب وَالْمَلَائِكَة تَكْرَه الرَّائِحَة الْقَبِيحَة، وَلِأَنَّهَا مَنْهِيّ عَنْ اِتِّخَاذهَا؛ فَعُوقِبَ مُتَّخِذهَا بِحِرْمَانِهِ دُخُول الْمَلَائِكَة بَيْته، وَصَلَاتهَا فِيهِ، وَاسْتِغْفَارهَا لَهُ، وَتَبْرِيكهَا عَلَيْهِ وَفِي بَيْته، وَدَفْعهَا أَذًى لِلشَّيْطَانِ. (شرح مسلم)

قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: فِي هَذَا الْحَدِيث إِبَاحَة اِتِّخَاذ الْكِلَاب لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَة، وَكَذَلِكَ الزَّرْع.

<<  <  ج: ص:  >  >>