قال ابن قدامة: أَمَّا قَتْلُ الْمُعَلَّمِ فَحَرَامٌ، وَفَاعِلُهُ مُسِيءٌ ظَالِمٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَلْبٍ مُبَاحٍ إمْسَاكُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، فَحُرِّمَ إتْلَافُهُ، كَالشَّاةِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافاً.
ثالثاً: اختلف أهل العلم في حكم قتل ما سوى ذلك من الكلاب على عدة أقوال:
الأول: أن الأمر بقتل الكلاب منسوخ، ولا يجوز قتل شيء منها سوى المؤذي فقط.
وهو قول الحنفية، والمعتمد عند الشافعية.
الثاني: جواز قتل الكلاب إلا كلب الصيد والماشية.
وهو قول الإمام مالك.
الثالث: أنه يجوز قتل الكلب الأسود البهيم.
وهو المعتمد عند الحنابلة.
قال ابن قدامة: فَأَمَّا قَتْلُ مَا لَا يُبَاحُ إمْسَاكُهُ، فَإِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ يُبَاحُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّامِتِ: سَأَلْت أَبَا ذَرٍّ فَقُلْت: " مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَحْمَرِ مِنْ الْأَبْيَضِ؟ فَقَالَ: سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا سَأَلْتنِي، فَقَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: " لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَأَمَرْت بِقَتْلِهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيم. (المغني).
وسبب الخلاف بين أهل العلم في ذلك:
هو التعارض الظاهري بين النصوص الواردة في المسألة.
فقد وردت أحاديث بالأمر بقتل الكلاب عامة دون تخصيص.
عن ابن عمر (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِقَتْلِ الكِلَاب) متفق عليه.
ووردت أحاديث أخرى بالأمر بقتل الكلاب باستثناء كلب الصيد والماشية.