للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- وعن اِبْنِ عُمَر أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال (مَنْ حَلِفِ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اَللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) رَوَاهُ أبوداود.

فهذا الحديث يفيد: أن اليمين إذا علقها الحالف بالمشيئة لم بحنث ولم تلزمه كفارة.

قال الترمذي: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الاِسْتِثْنَاءَ إِذَا كَانَ مَوْصُولاً بِالْيَمِينِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.

وقال ابن قدامة: وَإِذَا حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْيَمِينِ كَلَامٌ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَهَذَا يُسَمَّى اسْتِثْنَاءً.

فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَال (مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ اسْتِثْنَاءً، وَأَنَّهُ مَتَى اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ لِمَ يَحْنَثْ فِيهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد (مَنْ حَلَفَ، فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) وَلِأَنَّهُ مَتَى قَالَ: لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَتَى شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ، وَمَتَى لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. (المغني).

وقال الشوكاني رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث قوله: (لم يحنث) فيه دليل على أن التقييد بمشيئة الله مانع من انعقاد اليمين أو يحل انعقادها، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور.

وقال الشيخ ابن عثيمين: والأفضل لكل حالف أن يعلق يمينه بالمشيئة لأن في ذلك فائدتين:

الأمر الأول: تيسير الأمر كما قال تعالى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً).

الأمر الثاني: أن الإنسان إذا حنث لم تلزمه الكفارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>