للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن رشد: أجمع العلماء على أنها فرض كفاية لا فرض عين إلا عبد الله بن الحسن فإنه قال: إنها تطوع.

وقال ابن حزم: وَالْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا قَامَ بِهِ مِنْ يَدْفَعُ الْعَدُوَّ وَيَغْزُوهُمْ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ وَيَحْمِي ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ سَقَطَ فَرْضُهُ، عَنِ الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَلَا.

الأدلة:

أ- قال تعالى (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى).

قال الجصاص: وهذا دليل على أن فرض الجهاد على الكفاية وليس على كل أحد بعينه، لأنه وعد القاعدين الحسنى كما وعد المجاهدين، وإن كان ثواب المجاهدين أشرف وأجزل، ولو لم يكن القعود عن الجهاد مباحاً إذا قامت به طائفة لما وعد القاعدين الثواب، وفي ذلك دليل على ما ذكرنا أن فرض الجهاد غير معين على كل أحد في نفسه.

ب- وقال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).

قال القرطبي: الجهاد ليس على الأعيان، وأنه فرض كفاية، إذ لو نفر الكل لضاع من وراءهم من العيال، فليخرج فريق منهم للجهاد وليقم فريق منهم يتفقهون في الدين، ويحفظون الحريم ....

ج- عن أبي سعيد الخدري (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بعْثاً إلى بني لحيان من هذيْل فقال: لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما).

د- قال بعض العلماء: ومن الأدلة الدالة على أنه فرض كفاية أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يغزو تارة بنفسه وتارة يرسل غيره، ويكتفي ببعض المسلمين، وقد كانت سراياه وبعوثه متعاقبة والمسلمون بعضهم في الغزو وبعضهم في أهله.

<<  <  ج: ص:  >  >>