للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن الدائن قبل حلول الدين لا حق له على المدين، فليس له مطالبة المدين بالدين، وإذا لم يكن له مطالبته فليس له منعه من الخروج.

لكن يجاب عن هذا: بأن الدائن وإن لم يكن له حق على المدين قبل حلول الدين، إلا أن الجهاد يقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق بفواتها، وهذا فيه ضرر على الدائن فلا يجوز بغير إذنه.

الخلاصة: لا يحل لمسلم أن يجاهد جهاداً تطوعياً وعليه دين لا وفاء له مالم يقم كفيلاً، أو يوثّق دينه برهن، أو يكون له وفاء وذلك لئلا يفوت حق الغير.

ثالثاً: إذْن الدائن للمدين بالجهاد إذا لم يكن متعيناً عليه والدين حال والمدين معسر؟

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:

قيل: لا يشترط إذن الدائن لخروج المدين إلى الجهاد إذا كان معسراً ولم يتعين عليه.

وبهذا قال المالكية، والشافعية.

لقوله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة).

قالوا: إن الله أمر بإنظار المعسر إلى حين الميسرة، فلا يجوز مطالبته قبل ذلك، وإذا لم تكن هناك مطالبة فللمدين الخروج بغير إذن الدائن.

وقيل: يشترط إذن الدائن.

وبهذا قالت الحنفية، والحنابلة.

أ- لحديث أَبِى قَتَادَةَ. عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ «أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «نَعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «كَيْفَ قُلْتَ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: نَعَمْ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إِلاَّ الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ -عليه السلام- قَالَ لِي ذَلِك) رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>