عن علي (أن يهوديةً كانت تشتم النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- دمها) رواه أبو داود.
وقيل لابن عمر (إن راهباً يشتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعط الأمان على هذا).
فإذا انتقض عهده، صار حربياً (فلا عصمة لدمه ولا لماله)، ويخيّر فيه الإمام بين أربعة أشياء:
إما القتل، أو الاسترقاق، أو المنّ بدون فداء، أو المنّ بفداء.
قال ابن قدامة: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ أُسِرَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ.
فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، وَيَصِيرُونَ رَقِيقًا لِلْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِ السَّبْيِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- (نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكَانَ -عليه السلام- يَسْتَرِقُّهُمْ إذَا سَبَاهُمْ.
الثَّانِي: الرِّجَالُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوس الَّذِينَ يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ.
فَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْقَتْلُ، وَالْمَنُّ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالْمُفَادَاةُ بِهِمْ، وَاسْتِرْقَاقُهُمْ.
وَلَنَا، عَلَى جَوَازِ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ:
قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً).
وَأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَنَّ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ، وَأَبِي عَزَّةَ الشَّاعِرِ، وَأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ.
وَقَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ سَأَلَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَي، لَأَطْلَقْتهمْ لَهُ.
وَفَادَى أُسَارَى بَدْرٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ رَجُلًا، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَرْبَعِمِائَةٍ.
وَفَادَى يَوْمَ بَدْرٍ رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ، وَصَاحِبَ الْعَضْبَاءِ بِرَجُلَيْنِ.