للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله في حديث عبد الله بن عمرو (وَقْتُ اَلظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ اَلرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ اَلْعَصْرُ):

قال النووي: وَفِيهِ: دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - وَلِلْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا اِشْتَرَاك بَيْن وَقْت الظُّهْر وَوَقْت الْعَصْر، بَلْ مَتَى خَرَجَ وَقْت الظُّهْر بِمَصِيرِ ظِلّ الشَّيْء مِثْله غَيْر الظِّلّ الَّذِي يَكُون عِنْد الزَّوَال، دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْر، وَإِذَا دَخَلَ وَقْت الْعَصْر لَمْ يَبْقَ شَيْء مِنْ وَقْت الظُّهْر. وَقَالَ مَالِك -رضي الله عنه- وَطَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء: إِذَا صَارَ ظِلّ كُلّ شَيْء مِثْله دَخَلَ وَقْت الْعَصْر وَلَمْ يَخْرُج وَقْت الظُّهْر، بَلْ يَبْقَى بَعْد ذَلِكَ قَدْر أَرْبَع رَكَعَات صَالِح لِلظُّهْرِ وَالْعَصْر أَدَاء، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيث جِبْرِيل -عليه السلام-: (صَلَّى بِي الظُّهْر فِي الْيَوْم الثَّانِي حِين صَارَ ظِلّ كُلّ شَيْء مِثْله، وَصَلَّى بِي الْعَصْر فِي الْيَوْم الْأَوَّل حِين صَارَ كُلّ شَيْء مِثْله). فَظَاهِره اِشْتِرَاكهمَا فِي قَدْر أَرْبَع رَكَعَات. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرُونَ بِظَاهِرِ الْحَدِيث الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيث جِبْرِيل -عليه السلام- بِأَنَّ مَعْنَاهُ: فَرَغَ مِنْ الظُّهْر حِين صَارَ ظِلّ كُلّ شَيْء مِثْله، وَشَرَعَ فِي الْعَصْر فِي الْيَوْم الْأَوَّل حِين صَارَ ظِلّ كُلّ شَيْء مِثْله، فَلَا اِشْتِرَاكَ بَيْنهمَا. فَهَذَا التَّأْوِيل مُتَعَيِّن لِلْجَمْعِ بَيْن الْأَحَادِيث، وَأَنَّهُ إِذَا حُمِلَ عَلَى الِاشْتِرَاك يَكُون آخِر وَقْت الظُّهْر مَجْهُولًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا اِبْتَدَأَ بِهَا حِين صَارَ ظِلّ كُلّ شَيْء مِثْله لَمْ يَعْلَم مَتَى فَرَغَ مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ يَكُون آخِر وَقْت الظُّهْر مَجْهُولًا، وَلَا يَحْصُل بَيَان حُدُود الْأَوْقَات. وَإِذَا حُمِلَ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ حَصَلَ مَعْرِفَة آخِر الْوَقْت وَانْتَظَمَتْ الْأَحَادِيث عَلَى اِتِّفَاق. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق. (شرح مسلم)

• قوله (وهي الوسطى).

أي: أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى التي أثنى الله عليها في القرآن.

وقد اختلف العلماء في تحديد الوسطى على أقوال: أصحها أنها صلاة العصر.

وهذا قول جماهير العلماء.

قال النووي: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة -رضي الله عنهم- فَمَنْ بَعْدهمْ فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن فَقَالَ جَمَاعَة: هِيَ الْعَصْر؛ مِمَّنْ نُقِلَ هَذَا عَنْهُ: عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَابْن مَسْعُود وَأَبُو أَيُّوب وَابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَأَبُو سَعِيد الْخُدْرِيِّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَعَبِيدَة السَّلْمَانِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ -رضي الله عنهم-. قَالَ التِّرْمِذِيّ: هُوَ قَوْل أَكْثَر الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة فَمَنْ بَعْدهمْ -رضي الله عنهم-. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ مِنْ أَصْحَابنَا: هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - لِصِحَّةِ الْأَحَادِيث فِيهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّهَا الصُّبْح لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغهُ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي الْعَصْر وَمَذْهَبه اِتِّبَاع الْحَدِيث. (شرح مسلم).

قال الماوردي: هو قول جمهور التابعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>