للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه أيضاً من حديث عائشة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال ( .. إلا كتب له بها حسنة أو حُط عنه بها خطيئة).

وهذه الأحاديث فيها إشكال:

الجمع بينها هو ما استظهر ابن حجر: أن العبد إذا خطا خطوة، إما أن تكون عليه خطيئة أو لا تكون عليه خطيئة، فإذا كانت عليه خطيئة محيت تلك الخطيئة، وإن لم تكن عليه خطيئة كتب له بها حسنة توجب رفعة درجة.

قال ابن رجب: والمشيُ إِلَى المسجد أفضل من الركوب كما تقدّم في حديث أوس في الجُمُعة، ولهذا جاء في حديث معاذ ذكرُ المشي عَلَى

الأقدام، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخرجُ إِلَى الصلاة إلا ماشيًا حتى العيد يخرج إِلَى المُصلَّى ماشيًا، فإن الآتي للمسجد زائر الله، والزيارة عَلَى الأقدام أقربُ إِلَى الخضوع والتذلل كما قيل:

لو جئتكم زائرًا أسعى عَلَى بصري … لم أدِّ حفًّا وأي الحق أديت؟!

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من غدا إِلَى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح).

والنزل: هو ما يعد للزائر عند قدومه.

وكلما شقَّ المشي إِلَى المسجد كان أفضل، ولهذا فضل المشي إِلَى صلاة العشاء وصلاة الصبح، وعدل بقيام الليل كله كما في "صحيح مسلم عن عثمان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من صلّى العشاء في جماعة فكأنَّما قام نصف الليل، ومن صلَّى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (أثقل صلاة عَلَى المنافقين: صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً).

وإنما ثقلت هاتان الصلاتان عَلَى المنافقين لأنّ المنافق لا ينشط للصلاة إلا إذا رآه الناس كما قال تعالى (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>