قال ابن عثيمين: يرى بعض العلماء أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال، ولكن هذا القول فيه نظر، والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم، فإذا سبقوا إلى الصف الأول أو إلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم، لأنهم سبقوا إلى حق لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك، لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.
وقال رحمه الله: وهذا الذي ذكرنا في تقديم الرِّجالِ، ثم الصبيان، ثم النساء، إنَّما هو في ابتداءِ الأمرِ، أما إذا سَبَقَ المفضولُ إلى المكان الفاضلِ؛ بأنْ جاءَ الصَّبيُّ مبكِّراً وتقدَّمَ وصار في الصَّفِّ الأولِ، فإن القولَ الرَّاجحَ الذي اختاره بعضُ أهلِ العِلم ـ ومنهم جَدُّ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تيمية، وهو مَجْدُ الدِّين عبد السلام ـ أنه لا يُقامُ المفضولُ مِن مكانِه.
أ- وذلك لقولِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (مَن سَبَقَ إلى ما لم يَسبقْهُ إليه مسلمٌ فهو له) وهذا العمومُ يشمَلُ كلَّ شيءٍ اجتمع استحقاقُ النَّاسِ فيه، فإنَّ مَن سَبَقَ إليه يكون أحقَّ به.
ب- ولأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال (لا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مجلِسِه ثم يَجلسُ فيه).
ج- ولأنَّ هذا عدوان عليه.
د- ولأنَّ فيه مفسدةَ تنفيرِ هؤلاء الصبيان بالنسبة للمسجد.
هـ- وكذلك مِن مفاسده أنَّ هذا الصَّبيَّ إذا أخرجه شخصٌ بعينه فإنه لا يزال يَذكرُه بسوءٍ، وكلَّما تذكَّره بسوءٍ حَقَدَ عليه، لأنَّ الصَّغيرَ عادةً لا يَنسى ما فُعِلَ به. (الشرح للممتع).
• قوله (فإني أراكم من ورائي ظهري).
قال الألباني: قوله (أراكم من وراء ظهري) في الحديث معجزة ظاهرة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، و هي رؤيته -صلى الله عليه وسلم- من ورائه، و لكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة، إذ لم يرد في شيء من السنة، أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضاً.