جاء في "الموسوعة الفقهية"(٢٠/ ٢٦٥ - ٢٦٦): قال الحنفيّة والحنابلة: يسنّ الدّعاء في التّشهّد الأخير بعد الصّلاة على النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بما يشبه ألفاظ القرآن، أو بما يشبه ألفاظ السّنّة، ولا يجوز له الدّعاء بما يشبه كلام النّاس، كأن يقول: اللّهمّ زوّجني فلانة، أو أعطني كذا من الذّهب والفضّة والمناصب، وأمّا المالكيّة، والشّافعيّة فذهبوا إلى أنّه: يسنّ الدّعاء بعد التّشهّد وقبل السّلام بخيري الدّين والدّنيا، ولا يجوز أن يدعو بشيء محرّم أو مستحيل أو معلّق، فإن دعا بشيء من ذلك بطلت صلاته، والأفضل أن يدعو بالمأثور " انتهى.
والصحيح هو قول المالكية، والشافعية، وذلك لقوة ما استدلوا به، ولضعف حجة ما استدل به أصحاب القول الآخر.
قال النووي رحمه الله في (المجموع) مذهبنا أنه يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة من أمور الدين والدنيا، وله - أن يقول -: اللهم ارزقني كسباً طيباً، وولداً، وداراً، وجارية حسناء يصفها، و: اللهم خلص فلاناً من السجن، وأهلك فلاناً، وغير ذلك، ولا يبطل صلاته شيء من ذلك عندنا، وبه قال مالك، والثوري، وأبو ثور، وإسحق.
وقال أبو حنيفة، وأحمد لا يجوز الدعاء إلا بالأدعية المأثورة الموافقة للقرآن، واحتج لهم بقوله -صلى الله عليه وسلم- (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) رواه مسلم.
وبالقياس على رد السلام وتشميت العاطس.
واحتج أصحابنا بقوله -صلى الله عليه وسلم- (وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء) فأطلق الأمر بالدعاء ولم يقيده، فتناول كل ما يُسَمَّى دعاءً.
ولأنه -صلى الله عليه وسلم- دعا في مواضع بأدعية مختلفة، فدل على أنه لا حجر فيه.
وفى الصحيحين في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر التشهد (ثم ليتخير من الدعاء ما أعجبه) و (أحب إليه) و (ما شاء).