قال النووي: في هذا دليل على أنه يأكل حاجته من الأكل بكماله هذا هو الصواب، وأما ما تأوله بعض أصحابنا على أنه يأكل لقماً يكسر بها شدة الجوع فليس بصحيح وهذا الحديث صريح في إبطاله.
وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وأنه ليسمع قراءة الإمام.
• قوله (إِذَا قُدِّمَ اَلْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ) واستدل بعض الشافعية والحنابلة بقوله (فابدؤوا) على تخصيص ذلك بمن لم يشرع في الأكل، وأما من شرع، ثم أقيمت الصلاة، فلا يتمادى، بل يقوم إلى الصلاة.
قال النووي رحمه الله: وصنيع ابن عمر يبطل ذلك، وهو الصواب. وتعقب بأن صنيع ابن عمر اختيار له، وإلا فالنظر إلى المعنى يقتضي ما ذكروه؛ لأنه يكون قد أخذ من الطعام ما دفع شغل البال به، ويؤيد ذلك حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل ذراعًا يحتزّ منها، فدعي إلى الصلاة، فقام، فطرح السكين، فصلى، ولم يتوضأ. (الفتح).
والراجح تعميم الحكم فيمن بدأ بالأكل، ومن لم يبدأ به.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (إذا وضع عشاء أحدكم، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء، ولا يعجل حتى يفرغ منه).
وقوله (إذا كان أحدكم على الطعام، فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة) فهذا نص واضح فيمن بدأ، ومن لم يبدأ.
• قال ابن الجوزي: ظن قوم أن هذا من باب تقديم حق العبد على حق الله، وليس كذلك، وإنما هو صيانة لحق الحق، ليدخل الخلق في عبادته بقلوب مقبلة.