قال ابن قدامة: فأما قدرها في الغلظ - الدقة - فلا حد له نعلمه، فيجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة وغليظة كالحائط، ويدل لذلك:
o أنه ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى حربة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّى إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأُمَرَاءُ) متفق عليه.
o وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى عَنَزَة.
عن أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلَالاً أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئاً تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئاً أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلَالاً أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا، صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَىِ الْعَنَزَة) متفق عليه.
o أمر بالصلاة إلى السهم.
كما في حديث سبرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ).
وكل ذلك أدق بكثير من مؤخرة الرحل، ولم يرد في الشرع ما يمنع أدق من هذه المذكورات.
• لكن السترة العريضة أولى، وأبعد عن التشويش، وأجمع لقلب المصلي، إذا تيسرت له.
قال الإمام أحمد رحمه الله: وما كان أعرض فهو أعجب إلي.
قال ابن قدامة: وذلك لأن قوله (ولو بسهم) يدل على أن غيره أولى منه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute