للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- وعَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ -يعني في صلاة التراويح- حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة) رواه الترمذي.

ج- وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ (خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْب) رواه البخاري.

قَوْله: (أَمْثَل) أي أفضل.

قال الحافظ: " قَالَ اِبْن التِّين وَغَيْره اِسْتَنْبَطَ عُمَر ذَلِكَ مِنْ تَقْرِير النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ صَلَّى مَعَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي، وَإِنْ كَانَ كَرِهَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- حَصَلَ الأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَجَحَ عِنْد عُمَر ذَلِكَ لِمَا فِي الاخْتِلاف مِنْ اِفْتِرَاق الْكَلِمَة، وَلأَنَّ الاجْتِمَاعَ عَلَى وَاحِدٍ أَنْشَطُ لِكَثِيرِ مِنْ الْمُصَلِّينَ، وَإِلَى قَوْل عُمَر جَنَحَ الْجُمْهُور. (فتح الباري).

وقال النووي: صَلاةُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ … وَتَجُوزُ مُنْفَرِدًا وَجَمَاعَةً، وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ، الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ. الثَّانِي: الانْفِرَادُ أَفْضَل. … (المجموع).

وقال الشيخ ابن عثيمين: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أول من سن الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم تركها خوفا من أن تفرض على أمته … ثم ذكر الحديثين السابقين، ثم قال:

ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التروايح لينال ثوابها وأجرها، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر، ليحصل له أجر قيام الليل كله. … (مجالس شهر رمضان).

وقال الألباني: وتشرع الجماعة في قيام رمضان، بل هي أفضل من الانفراد، لإقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- لها بنفسه، وبيانه لفضلها بقوله.

وإنما لم يقم بهم -عليه السلام- بقية الشهر خشية أن تفرض عليهم صلاة الليل في رمضان، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في "الصحيحين" وغيرهما. وقد زالت هذه الخشية بوفاته -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أكمل الله الشريعة، وبذلك زال المعلول، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان، وبقي الحكم السابق، وهو مشروعية الجماعة، ولذلك أحياها عمر -رضي الله عنه- كما في "صحيح البخاري. (قيام الليل)

<<  <  ج: ص:  >  >>