قال ابن الملقن في شرح حديث الباب: هذا الحديث دال بمنطوقه على عدم المسابقة، وبمفهومه على جواز المقارنة، ولا شك فيه لكن يكره، ويفوت به فضيلة الجماعة.
الرابعة: التخلف.
وهو ينقسم إلى قسمين:
١ - تخلف بعذر.
٢ - تخلف بغير عذر.
أ- إذا كان بعذر:
فإنه يأتي بما تخلف به ويتابع الإمام، إلا أن يصل الإمام إلى المكان الذي هو فيه فإنه لا يأتي به ويبقى مع الإمام وتصبح له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه (الركعة التي تخلف فيها - الركعة التي وصل إليها الإمام وهو في مكانه).
ب- التخلف لغير عذر:
اختلف العلماء على قولين:
قيل: لا تبطل صلاته.
وقيل: تبطل.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (إنما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به).
ومعناه: أنَّ الائتمامَ يَقتضي متابعةَ المأمومِ لإمامِه؛ فلا يجوزُ له المقارنةُ والمسابقةُ والمخالفةُ. ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
قال الشيخ ابن عثيمين: النوع الثاني: التخلُّف لغيرِ عُذرٍ.
إما أن يكون تخلُّفاً في الرُّكنِ، أو تخلُّفاً برُكنٍ.
فالتخلُّفُ في الرُّكنِ معناه: أن تتأخَّر عن المتابعةِ، لكن تدركُ الإِمامُ في الرُّكنِ الذي انتقل إليه، مثل: أن يركعَ الإِمامُ وقد بقيَ عليك آيةٌ أو آيتان مِن السُّورةِ، وبقيتَ قائماً تكملُ ما بقي عليك، لكنك ركعتَ وأدركتَ الإِمامَ في الرُّكوعِ، فالرَّكعةُ هنا صحيحةٌ، لكن الفعلَ مخالفٌ للسُّنَّةِ؛ لأنَّ المشروعَ أن تَشْرَعَ في الرُّكوعِ من حين أن يصلَ إمامك إلى الرُّكوعِ، ولا تتخلَّف؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا رَكَعَ فاركعوا).
والتخلُّفُ بالرُّكنِ معناه: أنَّ الإِمامَ يسبقك برُكنٍ، أي: أن يركَعَ ويرفعَ قبل أن تركعَ. فالفقهاءُ رحمهم الله يقولون: إذا تخلَّفتَ بالرُّكوعِ فصلاتُك باطلةٌ كما لو سبقته به، وإنْ تخلَّفتَ بالسُّجودِ فصلاتُك على ما قال الفقهاءُ صحيحةٌ؛ لأنه تَخلُّفٌ برُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ.
ولكن القولَ الراجحَ أنَّه إذا تخلَّفَ عنه برُكنٍ لغيرِ عُذرٍ فصلاتُه باطلةٌ، سواءٌ كان الرُّكنُ ركوعاً أم غير ركوع. وعلى هذا؛ لو أنَّ الإِمامَ رَفَعَ مِن السجدةِ الأولى، وكان هذا المأمومُ يدعو اللهَ في السُّجودِ فبقيَ يدعو اللهَ حتى سجدَ الإِمامُ السجدةَ الثانيةَ فصلاتُه باطلةٌ؛ لأنه تخلُّفٌ بركنٍ، وإذا سبقه الإِمامُ بركنٍ فأين المتابعة؟