قال الشيخ ابن باز: ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مسجدنا وليصل في بيته) وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(إن الملائكة لتتأذى مما يتأذى منه بنو الإنسان) وكل ما له رائحة كريهة حكمه كحكم الثوم والبصل، كشارب الدخان ومن له رائحة كريهة في إبطه أو غيرهما مما يؤذي جليسه. فإنه يكره له أن يصلي مع الجماعة. وينهى عن ذلك حتى يستعمل ما يزيل هذه الرائحة ويجب عليه أن يفعل ذلك مع الاستطاعة حتى يؤدي ما أوجب الله عليه من الصلاة في الجماعة، أما التدخين فهو محرم مطلقاً ويجب عليه تركه في جميع الأوقات لما فيه من المضار الكثيرة في الدين والبدن والمال.
• قال ابن حجر: وقع في حديث حذيفة عند بن خزيمة (من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثاً) وبوب عليه توقيت النهى عن إتيان الجماعة لآكل الثوم وفيه نظر، لاحتمال أن يكون قوله (ثلاثاً) يتعلق بالقول أي قال ذلك (ثلاثاً) بل هذا هو الظاهر لأن علة المنع وجود الرائحة وهي لا تستمر هذه المدة.
• أن من أكل البصل أو الثوم لا يحضر الجماعة، دفعاً لأذيته.
فالفرق بينه وبين المريض الذي لا يستطيع أن يحضر، أن المريض معذور ويكتب له أجر الجماعة إذا كان من عادته أن يصلي مع الجماعة، وأما آكل البصل والثوم فلا يكتب له أجر الجماعة، لأنه لا يحضر للجماعة دفعاً لأذيته.
• قال الحافظ: حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه، ولذلك كان -صلى الله عليه وسلم- إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج من وجدت منه إلى البقيع كما ثبت في مسلم عن عمر -رضي الله عنه-.
عن عمر قال ( … ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلاَّ خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً).
وقال القرطبي: يدل على أن مجتمع الناس حيث كان لصلاة أو غيرها؛ كمجالس العلم والولائم وما أشبهها، لا يقربها مَن أكل الثوم وما في معناه؛ مما له رائحة كريهة تؤذي الناس، ولذلك جمع بين الثوم والبصل والكراث في حديث جابر.