للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الدلالة من الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان كث اللحية، فغرفة واحدة لا تكفي لغسل الوجه، وغسل ما تحت اللحية، فعلم من ذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- اكتفى بغسل ظاهرها فقط.

قال ابن قدامة: وَمَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ، وَلَا يَجِبُ التَّخْلِيلُ؛ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي تَرْكِ التَّخْلِيلِ ابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَطَاوُسٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو الْقَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغَسْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّخْلِيلَ.

وَأَكْثَرُ مَنْ حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَحْكِهِ.

وَلَوْ وَاجِبًا لَمَا أَخَلَّ بِهِ فِي وُضُوءٍ، وَلَوْ فَعَلَهُ فِي كُلِّ وُضُوءٍ لَنَقَلَهُ كُلُّ مَنْ حَكَى وُضُوءَهُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَتَرْكُهُ لِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَسْلَ مَا تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ كَثِيفَ اللِّحْيَةِ فَلَا يَبْلُغُ الْمَاءُ مَا تَحْتَ شَعْرِهَا بِدُونِ التَّخْلِيلِ وَالْمُبَالَغَةِ، وَفِعْلُهُ لِلتَّخْلِيلِ فِي بَعْضِ أَحْيَانِهِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (المغني).

وقال النووي رحمه الله: اللحية الكثيفة يجب غسل ظاهرها بلا خلاف، ولا يجب غسل باطنها ولا البشرة تحته، هذا هو المذهب الصحيح المشهور، الذي نص عليه الشافعي رحمه الله، وقطع به جمهور الأصحاب، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وجماهير

العلماء من الصحابة والتابعين وغيرهم، وحكى الرافعي قولاً ووجهاً أنه يجب غسل البشرة وهو مذهب المزني وأبي ثور. (المجموع).

<<  <  ج: ص:  >  >>