للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وتقدم أيضًا عن الإسماعيلي أنه ألزم البخاري إخراجه لإخراج نظيره في الصحيح، وقد ضعف حديث طلق الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي وكل هؤلاء ذكرهم الحافظ في التلخيص.
الوجه الثاني في تقديم حديث بسرة:
أن القائل بالوضوء من مس الذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة، وعن التابعين أكثر من غيرهم.
جاء في التمهيد كما في فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر (٣/ ٣٣٨)، «قال أبو بكر الأثرم: سئل أبو عبد الله عن الوضوء من مس الذكر؟ فقال: نعم نرى الوضوء من مس الذكر. قيل له: من لم يره أنعنفه؟ فقال: الوضوء أقوى. قال: من قال: لا وضوء؟ قال: الوضوء أكثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، وعن التابعين».اهـ
الوجه الثالث في تقديم حديث بسرة:
من وجوه ترجيح حديث بسرة ما قاله ابن عبد البر حيث قال: «إيجاب الوضوء من مس الذكر إنما هو مأخوذ من جهة الشرع، لا مدخل فيها للعقل؛ لاجتماعه مع سائر الأعضاء، ونقل البيهقي عن الشافعي أن الذي قال من الصحابة لا وضوء به فإنما قاله بالرأي، ومن أوجب الوضوء به يعني من الصحابة فلا يوجبه إلا بالاتباع - يعني أن العقل والقياس لا يقضيان بهذا الحكم، فكان أولى بالقبول، والله أعلم».
قلت: الشرع لا يعارض العقل، لكن العقل عرضة للصواب والخطأ بخلاف الشرع، وإذا لم يستطع العقل إدراك الحكمة من التشريع عبر عنه الفقهاء بأنه تعبدي، وليس معنى كونه تعبديًا أنه خال من الحكمة، فالله سبحانه وتعالى حكيم منزه عن العبث، ولا يشرع إلا ما فيه حكمة، ولا يفرق الشرع بين متماثلين، ولا يجمع بين متفرقين، والمؤمن متبع للشرع أبدًا، لا يعبد عقله ونظره، وإذا بدا في الظاهر بعض التعارض بين العقل والشرع، كان العقل هو المتهم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: ١٤] (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً) [الإسراء: ٨٥].
وحين نبحث عن الحكمة إنما نبحث عنها من أجل القياس، لكي نلحق النظير بشبيهه، فإذا علمنا أن علة التحريم في الخمر هي الإسكار ألحقنا به كل مسكر، وإذا زالت علة الإسكار رجع الحكم إلى الحل، والله أعلم.
الوجه الرابع في تقديم حديث بسرة:
هناك من أخذ بحديث بسرة لكونه ناسخًا لحديث طلق، قال ابن حبان في صحيحه (٣/ ٥٠٤): خبر طلق الذي ذكرناه خبر منسوخ؛ لأن طلق بن علي كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى إيجاب الوضوء من مس الذكر أبو هريرة، وأبو هريرة أسلم سنة سبع للهجرة، فدل ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بن علي بسبع سنين. اهـ =

<<  <  ج: ص:  >  >>