واختلف على عمرو بن دينار، فرواه ابن جريج كما في مصنف عبد الرزاق (١٠٣٧) وأحمد (١/ ٣٦٦) ومسلم (٣٢٣)، وابن خزيمة (١٠٨)، والدارقطني (١/ ٥٣)، والبيهقي (١/ ١٨٨)، عن عمرو بن دينار، قال علمي والذي يخطر على بالي، أن أبا الشعثاء أخبرني، أن ابن عباس أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة. وخالفه سفيان بن عيينة، فرواه عبد الرزاق في المصنف (١٠٣٢) وابن أبي شيبة (٣٦٨)، والحميدي (١/ ١٤٨)، والشافعي في مسنده (ص: ٩) وأحمد (٦/ ٣٢٩)، والبخاري (٢٥٠)، ومسلم (٣٢٢)، والترمذي (٦٢)، والنسائي في الصغرى (٢٣٦)، وفي الكبرى (٢٣٨)، وابن ماجه (٣٧٧)، وأبو يعلى (٧٠٨٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢٥)، والبيهقي (١/ ١٨٨) من طرق، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، عن ميمونة، قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد. وجعله البخاري من مسند ابن عباس. فيكون على هذا قد اختلف على ابن عيينة. فرواه عنه الحميدي، وأحمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد والشافعي، وابن أبي عمر، ويحيى بن موسى، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، كلهم رووه عن سفيان عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، فجعلوه من مسند ميمونة، كما سبق. وخالفهم أبو نعيم، عند البخاري. قال البخاري (٢٥٣) حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد -وهو أبو الشعثاء- عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد. قال البخاري: كان ابن عيينة يقول أخيرًا، عن ابن عباس عن ميمونة، والصحيح ما روى أبو نعيم. وقد يقال: إن الصحيح رواية الجماعة، خاصة أن فيهم من هو من أخص أصحاب سفيان كالحميدي، وفيه أئمة حفاظ كالإمام أحمد وابن أبي شيبة وقتيبة بن سعيد وغيرهم. قال الحافظ في الفتح: إنما رحج البخاري رواية أبي نعيم جريًا على قاعدة المحدثين؛ لأن من جملة المرجحات عندهم قدم السماع، لأنه مظنة قوة حفظ الشيخ، ولرواية الآخرين من جهة أخرى من وجوه الترجيح وهي كونهم أكثر عددًا وملازمة لسفيان، ورجحها الإسماعيلي من جهة أخرى من حيث المعنى: وهي كون ابن عباس لا يطلع على النبي صلى الله عليه وسلم في حالة اغتساله مع ميمونة فيدل على أنه أخذه عنها، والله أعلم. وقد أشار الحافظ إلى تعليل الحديث، وحكم عليه بالشذوذ، قال في الفتح (١/ ٣٥٩): «أعله قوم لتردد وقع في رواية عمرو بن دينار، حيث قال: علمي والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني ... فذكر الحديث. وقد ورد من طريق أخرى بلا تردد لكن راويها غير ضابط وقد خولف. والمحفوظ ما أخرجه الشيخان بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد. اهـ وقد جاء عند أحمد زيادة في المتن قال ابن جريج بعد أن ساق الحديث بالغسل من فضل ميمونة، قال: وذلك أني سألته عن إخلاء الجنبين جميعًا. وفي أطراف مسند الإمام أحمد لابن حجر (٣/ ٤٦) عن اختلاء بدلًا من إخلاء. وفي مصنف عبد الرزاق: وذلك أني سألته عن الجنبين يغتسلان جميعًا. وهذا قد يرجح قول ابن حجر بأن المحفوظ أنه كان صلى الله عليه وسلم يغتسل هو وميمونة من إناء واحد؛ لأنه بهذا اللفظ يكون الحديث أكثر مطابقة للسؤال من أنه كان يغتسل بفضلها.