تنبيه: قول بعض العلماء: إن عليهما الفدية فقط قول ضعيف.
(ومنْ أُغميَ عليهِ أو جُنَّ جميع النهار لم يصحَّ صومه، ويقضي المغمَى عليه).
هذا حكم من أغمي عليه أو جن في رمضان:
المذهب: أن من أصيب بإغماء في رمضان لا يخلو من حالين:
أ- أن يستوعب الإغماء جميع النهار - وكذا الجنون - بمعنى أنه يغمى عليه قبل الفجر ولا يفيق إلا بعد غروب الشمس.
فهذا لا يصح صومه، وعلى المغمى عليه قضاء هذا اليوم بعد رمضان.
والدليل على عدم صحة صومه:
قال ابن قدامة: أنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ مَعَ النِّيَّة، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي).
فَأَضَافَ تَرْكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَلَا يُضَافُ الْإِمْسَاكُ إلَيْهِ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ.
وَلِأَنَّ النِّيَّةَ أَحَدُ رُكْنَيْ الصَّوْمِ، فَلَا تُجْزِئُ وَحْدَهَا، كَالْإِمْسَاكِ وَحْدَهُ
ويقضي المغمى عليه فقط.
لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
وأما المجنون فلا يقضي، لأنه ليس مكلفاً.
ب - أن يفيق جزءً من النهار - ولو لحظة - فهذا يصح صيامه، سواء أفاق من أول النهار أو آخره أو وسطه.
قال ابن تيمية: وإنما اشترطنا أن يفيق في جزء من النهار؛ لأن الصوم لا بد فيه من الإِمساك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه في صفة الصائم (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) والإِمساك لا يكون إلا مع حضور العقل، ولم يشترط وجود الإِمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه دخل في عموم قوله يدع طعامه وشهوته من أجلي).