للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: والطاهر في الحديث هو المتطهر من الحدث الأصغر أو الغسل، لأن المؤمن طهارته معنوية، ولا يمس القرآن غالباً إلا المؤمنون، ولا يعرف بالشرع تسمية المؤمن بالطاهر، وإنما ورد وصفه بذلك، وفرق بين الوصف والتسمية.

فالأظهر أن قوله (إلا طاهر) أي: إلا متوضئ لما يلي:

أولاً: لأنه كثر في لسان الشرع إطلاق هذا اللفظ على المتوضئ.

ثانياً: ولأن الصحابة فهموا ذلك وأفتوا بأنه لا يمس القرآن إلا على طهارة.

ثالثاً: ولأنه لم يعهد على لسان الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يعبر عن المؤمن بالطاهر.

رابعاً: أنه ورد في بعض الروايات (لا يمس القرآن إلا على طهر) وفي حديث حكيم بن حزام (لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر) وفي إسناده ضعف، لكن يفيد ترجيح المعنى المذكور. (منحة العلام).

ج- أنه ثابت عن الصحابة.

عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال (كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال: لعلك مسست ذكرك، قال، فقلت: نعم، فقال: قم فتوضأ) رواه مالك والبيهقي.

وعن عبد الرحمن بن يزيد قال (كنا مع سلمان فخرج فقضى حاجته، ثم جاء، فقلت: يا أبا عبد الله، لو توضأت لعلنا أن نسألك عن آيات، قال: إني لست أمسه، إنما لا يمسه إلا المطهرون، فقرأ علينا ما شئنا). رواه الدار قطني والبيهقي وابن أبي شيبة

وروى نافع (أن ابن عمر كان لا يمس المصحف إلا وهو طاهر) رواه ابن أبي شيبة.

قال النووي: وهو قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنه قول سلمان الفارسي، وعبد الله بن عمر، وغيرهما، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف.

وقال ابن رجب: وهذا قول جماهير العلماء، وروي ذلك عن علي وسعد وابن عمر وسلمان، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة.

وذهب بعض العلماء: إلى أنه يجوز للمحدث مسّ المصحف.

<<  <  ج: ص:  >  >>