للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً ضابط الماء النجس على المذهب يشمل أمرين:

الأول: أن يكون كثيراً فلا ينجس إلا بتغير أحد أوصافه. (وهذا بالإجماع كما تقدم).

الثاني: أن تقع فيه نجاسة وهو قليل - دون القلتين - فيتنجس ولو لم يتغير.

هذا المذهب: أن القليل ينجس بمجرد النجاسة ولو لم يتغير.

وهو مروي عن ابن عمر، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبي عبيد، وأبي ثور.

وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي.

أ-لحديث ابْن عُمَر. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا كَانَ اَلْمَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ اَلْخَبَثَ) وَفِي لَفْظٍ: (لَمْ يَنْجُسْ) أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. وَابْنُ حِبَّان. (ضعفه بعضهم والأكثر على تصحيحه).

وجه الدلالة:

أولاً: أن مفهوم الحديث أنه إذا كان الماء دون القلتين فإنه يحمل الخبث.

قال ابن قدامة: وَتَحْدِيدُهُ بِالْقُلَّتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا دُونَهُمَا يَنْجُسُ، إذْ لَوْ اسْتَوَى حُكْمُ الْقُلَّتَيْنِ وَمَا دُونَهُمَا لَمْ يَكُنْ التَّحْدِيدُ مُفِيدًا.

ثانياً: لو كان الماء لا ينجس إلا بالتغير لم يكن للتحديد بالقلتين فائدة، لأن الماء إذا تغير بالنجاسة نجس ولو كان مائة قلة.

ب- ولحديث أبي هريرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات) وفي رواية (فليرقه).

قال ابن قدامة: أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، وَإِرَاقَةِ سُؤْرِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا تَغَيَّرَ وَمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ.

قال النووي: فالأمر بالإراقة والغسل دليل النجاسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>