وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا ينجس إلا إذا تغير بنجاسة.
وهو مذهب مالك، وهو مذهب الأوزاعي، والثوري، وداود.
واختار هذا القول ابن المنذر، والغزالي من الشافعية، وهو اختيار ابن تيمية.
لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اَلْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) رواه أبو داود.
وجه الدلالة: قوله -صلى الله عليه وسلم- (لا ينجسه شيء) دليل على أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يتأثر بالنجاسة، وخص من ذلك المتغير بالنجاسة بالإجماع.
قال ابن القيم: فهذا نص صحيح صريح على أن الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة مع كونه واقفاً، فإن بئر بضاعة كانت واقفة ولم يكن على عهده بالمدينة ماء جار أصلاً. (تهذيب السنن).
وأجاب هؤلاء عن حديث القلتين:
أولاً: أن هناك من العلماء من ضعفه.
فممن ضعفه عبد الله بن المبارك كما في الاوسط لابن المنذر ١/ ٢٧١ وابن عبد البر كما في التمهيد ١/ ٣٣٥ وابن القيم في تهذيب السنن ١/ ٦٢
وصحح الحديث النووي كما في المجموع ١/ ١٦٢ وابن حزم في المحلى ١/ ١٥١ وابن تيمية في مجموع ابن قاسم ٢١/ ٤١ وابن منده وابن حجر كما في الفتح ١/ ٤٠٨ والشوكاني، وأحمد شاكر.
ثانياً: أن المفهوم لا عموم له، فلا يلزم أن كل ما لم يبلغ القلتين ينجس، وإنما القليل قد يحمل الخبث لمظنة القلة، ثم إن هذا المفهوم يعارض منطوق حديث (الماء طهور لا ينجسه شيء) والمنطوق مقدم على المفهوم.