للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن عدم تحديد المدة يؤدي إلى الغرر والجهالة المفضية إلى المنازعة.

وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر.

ولأن الأجرة تختلف باختلاف المدة فوجب العلم بها.

- وقوله (يغلب على الظن بقاؤها فيه).

أي: أنه ليس في عقد الإجارة حد أقصى لتأجير العين، فتصح الإجارة مهما طالت المدة، ولكن بشرط أن يغلب على الظن بقاء العين المؤجرة.

قال ابن قدامة: وَلَا تَتَقَدَّرُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، بَلْ تَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُدَّةَ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا وَإِنْ كَثُرَتْ.

وَهَذَا قَوْلُ كَافَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

إلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ اخْتَلَفُوا فِي مَذْهَبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَهُوَ الصَّحِيحُ.

الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى أَكْثَرَ مِنْهَا.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ، أَنَّهَا لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَبْقَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَتَتَغَيَّرُ الْأَسْعَارُ وَالْأَجْرُ.

وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ شُعَيْبٍ -عليه السلام- أَنَّهُ قَالَ (عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِك)، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى نَسْخِهِ دَلِيلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>