للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر أبا ثعلبة الخشني وقومه بغسل أواني أهل الكتاب التي يطبخون فيها الخنزير، ويشربون فيها الخمر، وأن لا يستعملوها إلا إذا لم يجدوا غيرها بعد أن يغسلوها، والأمر بغسلها دليل نجاستها.

واستدلوا من العقل من ثلاثة أوجه:

أولها: أن الخمر شيء حرم تناوله من غير ضرر، فكان نجساً كالدم.

والثاني: القياس على الكلب تغليظاً وزجراً.

والثالث: أن من تمام تحريمها، وكمال الردع عنها الحكم بنجاستها حتى يتقذرها العبد، فيكف عنها قربناً، بالنجاسة وشرباً بالتحريم، فالحكم بتحريمها يوجب نجاستها. (المجموع شرح المهذب).

وذهب بعض العلماء: إلى أنها طاهرة ليست بنجسة.

وهذا قال به ربيعة الرأي، والليث بن سعد، والمزني صاحب الشافعي، ورجحه الألباني، والشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.

أ-لحديث أنس بن مالك قال: (كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة … فإذا مناد ينادي، فقال: اخرج فانظر، فخرجت فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فجرت في سكك المدينة، فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فأهرقتها) متفق

عليه.

قال الشيخ ابن عثيمين: وطرقات المسلمين لا يجوز أن تكون مكاناً لإراقة النجاسة، ولهذا يحرم على الإنسان أن يبول في الطريق، أو يصيب فيه النجاسة.

ب-وعن ابن عباس قال: (إن رجلاً أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوية خمر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل علمت أن الله قد حرمها؟ قال: لا، فسارَّ إنساناً، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بم ساررته؟ فقال: أمرته ببيعها، فقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها، ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها). رواه مسلم

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وهذا بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقل له: اغسلها، وهذا بعد التحريم بلا ريب.

ج-ولأن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يقوم دليل على النجاسة.

قالوا: وأما الجواب عن الآية: بأن يقال بأن المراد بالنجاسة النجاسة المعنوية لا الحسية، بدليل أنها قرنت بالأنصاب والأزلام والميسر، ونجاسة هذه معنوية.

والراجح قول الجمهور والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>