للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فأصاب الناسَ جوع، فأصبنا إبلًا وغنمًا) قَالَ فِي "الفتح": كأن الصحابيّ قَالَ هَذَا ممهّدًا لعذرهم فِي ذبحهم الإبل، والغنم التي أصابوا. وفي رواية: "وتقدّم سَرَعان النَّاس، فأصابوا منْ المغانم"، وفي رواية: (فأصبنا نَهْب إبل وغنم).

(وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ) جمع أخرى، وفي رواية: "فِي آخر النَّاس"، وَكَانَ -صلى الله عليه وسلم-، يَفعَل ذَلِكَ؛ صَوْنًا للْعَسْكَر، وَحِفْظًا؛ لِأَنَّه لو تَقَدَّمَهُم لَخَشِيَ أَن يَنقَطِع الضَّعِيف مِنْهُمْ دُونه، وَكَانَ حِرْصِهمْ عَلَى مُرَافَقَته شَدِيدًا، فَيَلْزَم مِنْ سَيْره فِي مَقَام السَّاقَة، صَوْن الضُّعَفَاء؛ لِوُجُودِ مَن يَتَأَخَّر مَعَهُ قَصْدًا منْ الأَقْوِيَاء.

(فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ) يعني مِن الجُوع الَّذِي كَانَ بهِمْ، فَاستَعجَلُوا، فَذَبَحُوا الَّذِي غَنِمُوهُ، وَوَضَعُوهُ فِي القُدُور، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة (فَانْطَلَقَ نَاس، منْ سَرَعَان النَّاس، فَذَبَحُوا، وَنَصَبُوا قُدُورهمْ، قَبل أن يُقْسَم) وَفِي رِوَايَة (فَأَغْلَوْا القُدُور) أَي أَوْقَدُوا النَّار تَحْتهَا، حَتَّى غَلَتْ

(فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ) -بِضَم الهَمْزَة، وَسُكُون الكَاف- أَي قُلِبَتْ، وَأُفْرغَ مَا فِيهَا.

(ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنْ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ) قَالَ القرطبيّ: يعني أنه -صلى الله عليه وسلم- قسم ما بقي منْ الغنيمة عَلَى الغانمين، فجعل عشرة منْ الغنم بإزاء جَزور، ولم يَحتج إلى القرعة؛ لرضا كلّ منهم بما صار إليه منْ ذلك، ولم يكن بينهم تشاحّ فِي شيء منْ ذلك. قَالَ: وكأن هذه الغنيمة لم يكن فيها إلا الإبل، والغنم، ولو كَانَ فيها غيرهما، لقُوّم جميع الغنيمة، ولَقُسم عَلَى القِيَم.

(فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ) بفتح النون، وتشديد الدال المهملة: أي هرب منْ تلك الإبل المقسومة بعيرٌ نافرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>