والصواب من القولين: الأول؛ لأن المقصود من الأذان في الأصل إعلام الناس بدخول الوقت، ولا يحصل هذا إلا مع رفع الصوت به.
وإذا قلنا برفع الصوت فإنه لا يراد به ذاك الصوت الذي يشق السمع ويتسبب في الضرر على نفسه أو على السامعين.
قال ابن رجب: ومتى رفع صوته رفعاً يَخشى على نفسه الضرر منه كره، وقد قال عمر لأبي محذورة لما سمعه يؤذن بمكة " أما خشيتَ أن ينشق مريطاؤك؟ ".
ذكره أبو عبيد وغيره، وهي ما بين السرة والعانة، قاله أبو عبيد والأكثرون، وقيل: ما بين الصدر والعانة " انتهى من (فتح الباري).
وأما إن كان المؤذن يؤذن لنفسه أو لجماعة حاضرين معه - في غرفة أو مكتب أو مصلَّى خاص - فلا يشترط له رفع الصوت إلا بقدر ما يسمع نفسه أو يسمع الحاضرين معه؛ لأن المقصود من الأذان وهو الإعلام يحصل بذلك، وهل يستحب له رفع الصوت بالأذان أو لا يستحب؟! قولان للعلماء والأظهر عدم استحبابه - وهو وجه عند الشافعية - وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في رفع الصوت أنها للأذان لجماعة غير حاضرين معه.
قال الشيخ ابن عثيمين: فالواجب أن يُسْمِعَ من يُؤَذِّنُ لهم فقط، وما زاد على ذلك فغير واجب.
(أميناً) وهذا واجب.
لأنه أمين على الوقت، وأمين على عورات الناس (وخاصة في الزمن السابق).
قال ابن قدامه رحمه الله: ويستحب أن يكون المؤذن عدلاً أميناً بالغاً؛ لأنه مؤتمن يرجع إليه في الصلاة والصيام، فلا يؤمن أن يغرهم بأذانه، إذا لم يكن كذلك، ولأنه يؤذن على موضع عال، فلا يؤمن منه النظر إلى العورات.