للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: إذا كان غير عَمْد، وكان فاحشاً لكن الزمن قليل، فظاهر كلام المؤلِّف أنها تبطل، والصَّحيح أنها لا تبطل.

ويُتَصَوَّرُ ذلك فيما لو هبَّت ريحٌ، وهو راكع وانكشف الثَّوب، ولكن في الحال أعاده، فظاهر كلام المؤلِّف أن الصَّلاة تبطل، والصَّحيح: أنها لا تبطل؛ لأنه ستره عن قُرْب، ولم يتعمَّد الكشف، وقد قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).

رابعاً: إذا انكشف عن غير عَمْد انكشافاً فاحشاً، وطالَ الزَّمن بأن لم يعلم إلا في آخر صَلاتِهِ، أو بعد سلامه، فهذا لا تصحُّ صلاته؛ لأنَّه فاحش والزَّمن طويل.

مثاله: إنسانٌ صَلَّى في سروال أو إزار، وبعد صلاته وَجَدَ أن هناك فتحة كبيرة تُحاذي السَّوأة، ولكن لم يعلم بها إلا بعد أن سَلَّم، فنقول: صلاتُه غير صحيحة ويُعِيد؛ لأن ستر العورة شرط من شروط الصَّلاة، والغالب عليه في مثل الحال أنه مفرِّط. أما إذا انشق الثَّوب في أثناء الصَّلاة، وهذا يقع كثيراً، ولا سيَّما في الثِّياب الضيِّقة، ثم بسرعة أمسكه بيده فالصَّلاة صحيحة؛ لأنه وإن كان فاحشاً فالزَّمن قصير، ولم يتعمَّد. (الشرح الممتع).

قال في (كشاف القناع) ولا تبطل الصلاة بكشف يسير من العورة بلا قصد … ولو كان الانكشاف اليسير في زمن طويل، وكذا لا تبطل الصلاة إن انكشف من العورة شيء كثير في زمن قصير، فلو أطارت الريح سترته عن عورته، فظهر منها ما لم يُعْفَ عنه لو طال زمنه لفُحْشه ولو كان الذي انكشف كل العورة، فأعادها سريعاً بلا عمل كثير لم تبطل صلاته، لقصر مدته أشبه اليسير في الزمن الطويل، فإن احتاج في أخذ سترته لعمل كثير بطلت صلاته.

وقال مرعي بن يوسف الحنبلي في (دليل الطالب) في فصل ما يبطل الصلاة: يبطلها كشف العورة عمداً، لا إن كشفها ريح فسترها في الحال أولا وكان المكشوف لا يفحش في النظر. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (شرح العمدة) يعفى عن يسير العورة قدراً أو زماناً، فلو انكشف منها يسير ـ وهو ما لا يفحش في النظر ـ في جميع الصلاة، أو كشفت الريح عورته فأعادها بسرعة، أو انحل مئزره فربطه لم تبطل صلاته، وسواء في ذلك العورة المغلظة والمخففة. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>