للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب: وقد أجمع العلماء على استحباب المشي بالسكينة إلى الصلاة، وترك الاسراع والهرولة في المشي، ولما في ذلك من كثرة الخطا إلى المساجد. وسيأتي أحاديث فضل المشي فيما بعد - إن شاء الله تعالى -.

وهذا ما لم يخش فوات التكبيرة الأولى والركعة، فإن خشي فواتها، ورجا بالإسراع إدراكها، فاختلفوا: هل يسرع حينئذ، أم لا؟ فيه قولان.

أحدهما: أنه يسعى لإدراكهما.

وروي عن ابن مسعود، أنه سعى لإدراك التكبيرة.

ونحوه عن ابن عمر، والأسود، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير.

والقول الثاني: أنه لا يسرع بكل حالٍ.

روي عن أبي ذر، ويزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعطاء.

وحكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء، وهو قول الثوري.

• قوله (وما فاتكم) فيه دليل على جواز قول: فاتتنا الصلاة، وأنه لا كراهية فيه، وبهذا قال جمهور العلماء، وكرهه ابن سيرين، وقال: إنما يقال لم ندركها. (قاله النووي).

قال النووي: قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث (إذا سمعتم الإقامة) إِنَّمَا ذَكَرَ الْإِقَامَة لِلتَّنْبِيهِ بِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ إِتْيَانهَا سَعْيًا فِي حَال الْإِقَامَة مَعَ خَوْفه فَوْت بَعْضهَا فَقَبْل الْإِقَامَة أَوْلَى، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِبَيَانِ الْعِلَّة فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- (فَإِنَّ أَحَدكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِد إِلَى الصَّلَاة فَهُوَ فِي صَلَاة) وَهَذَا يَتَنَاوَل جَمِيع أَوْقَات الْإِتْيَان إِلَى الصَّلَاة، وَأَكَّدَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا آخَر قَالَ: فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا، فَحَصَلَ فِيهِ تَنْبِيه وَتَأْكِيد لِئَلَّا يَتَوَهَّم مُتَوَهِّم أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَمْ يَخَفْ فَوْت بَعْض الصَّلَاة، فَصَرَّحَ بِالنَّهْيِ وَإِنْ فَاتَ مِنْ الصَّلَاة مَا فَاتَ، وَبَيَّنَ مَا يُفْعَل فِيمَا فَات. (شرح مسلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>