ويحتمل أن هذا خرج مخرج الغالب، لأن الغالب أنه إنما يفعل ذلك من خاف الفوت، فأما من بادر في أول الوقت فلا يفعل ذلك، لوثوقه بإدراك أول الصلاة.
قال ابن رجب: قوله (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسعوا) أمر بالمشي ونهي عن الإسراع إلى الصلاة لمن سمع الإقامة، وليس سماع الإقامة شرطاً للنهي، وإنما خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب أن الاستعجال إنما يقع عند سماع الإقامة خوف فوت إدراك التكبيرة أو الركعة.
• في الحديث النهي عن الإسراع، فما الجواب عن قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)؟
الجواب: أن المراد بالإسراع في الآية المضي والذهاب، يقال: سعيت إلى كذا، أي: ذهبت إليه، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى).
• قوله (فما أدركتم فصلوا … ) نستفيد منه أنه ينبغي الدخول مع الإمام ولو لم يدرك إلا قليلاً من الصلاة.
فإذا دخل المصلي المسجد والإمام في الصلاة دخل معه على أي حال كان؛ في القيام أو الركوع أو السجود أو بين السجدتين.
أ-لهذا الحديث (فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا).
قال الحافظ: استُدِل به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها.
ب- ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاة) رواه أبو داود.
ج-وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- قال: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الصَّلاةَ وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَام). رواه الترمذي
وقد نقل ابن حزم رحمه الله الإجماع على ذلك، فقال: واتفقوا أن من جاء والإمام قد مضى من صلاته شيء قلّ أو كثر ولم يبق إلا السلام فإنه مأمور بالدخول معه وموافقته على تلك الحال التي يجده عليها ما لم يجزم بإدراك الجماعة في مسجد آخر.