وقد عقّب الحافظ في الفتح على كلام ابن حزم السابق، بقوله: ولا يخفى ما فيه ولا سيما وقد بينا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة، وتمسك ابن بطال بظاهر لفظ حديث أبي هريرة فاستدل به على أن التسوية سنة قال لأن حسن الشيء زيادة على تمامه وأورد عليه رواية من تمام الصلاة.
وردَّ البدر العيني - رحمه الله - دعوى ابن حزم، فقال: قوله (فإنه من حُسن الصلاة) يدل على أنها ليْست بفرضِ، لأن ذلك أمر رائد على نفس الصلاة، ومعنى قوله (من تمام الصلاة) من تمام كمال الصلاة، وهو- أيضاً- أمر زائد، فافهم.
والراجح: الله أعلم.
• إذا لم تسو الصفوف هل تبطل الصلاة؟
قال ابن عثيمين: قد يقال: إنها تبطل، لأنهم تركوا الواجب، ولكن احتمال عدم البطلان مع الإثم أقوى.
وقال الحافظ ابن حجر: ومع القول بأن التسوية واجبة فصلاة من خالف ولم يسوِ صحيحة لاختلاف الجهتين، ويؤيد ذلك أن أنسا مع إنكاره عليهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة وأفرط بن حزم فجزم بالبطلان. (الفتح).
• قوله -صلى الله عليه وسلم- (فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ). قال العراقي: وقد ذكر العلماء في معنى إقامة الصلاة أمورًا:
أحدها: حصول الاستقامة والاعتدال ظاهرًا كما هو المطلوب باطنًا.
ثانيها: لئلا يتخللهم الشيطان، فيفسد صلاتهم بالوسوسة كما جاء في ذلك الحديث.
ثالثها: ما في ذلك من حسن الهيئة.
رابعها: أن في ذلك تمكنهم من صلاتهم مع كثرة جمعهم، فإذا تراصوا وسع جميعهم المسجد، وإذا لم يفعلوا ذلك ضاق عنهم.
خامسها: أن لا يشغل بعضهم بعضًا بالنظر إلى ما يشغله منه إذا كانوا مختلفين، وإذا اصطفوا غابت وجوه بعضهم عن بعض وكثير من حركاتهم وإنما يلي بعضهم من بعض ظهورهم. انتهى