للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ (لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ قُلْتُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ قَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ فَقُلْتُ مِثْلَهُ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ فَصَلَّى وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الأَرْضَ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- وَقَعَدَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ) رواه البخاري.

فهذه الأدلة فيها دلالة واضحة على أنه يجوز التبليغ من أحد المأمومين عند الحاجة إليه، كضعف صوت الإمام، أو كثرة المصلين بحيث لا يبلغهم صوت الإمام، وذلك لأن متابعة الإمام أمر مطلوب شرعاً ولا تحصل عند ضعف صوت الإمام بالتبليغ.

قال ابن تيمية: لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام لغير حاجة باتفاق الأئمة، فإن بلالاً لم يكن يبلغ خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- هو ولا غيره، ولم

يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين، لكن لما مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالناس مرة وصوته ضعيف، وكان أبو بكر يصلي إلى جنبه يسمع الناس التكبير، فاستدل العلماء بذلك على أنه يشرع التكبير عند الحاجة مثل ضعف صوته، فأما بدون ذلك فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع، وتنازعوا في بطلان صلاة من يفعله على قولين، والنزاع في الصحة معروف في مذهب مالك وأحمد وغيرهما. غير أنه مكروه باتفاق المذاهب كلها، والله أعلم. انتهى.

وقال أيضاً: التبليغ خلف الإمام لغير حاجة بدعة غير مستحبة باتفاق الأئمة، وإنما يجهر بالتكبير الإمام، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه يفعلون، ولم يكن أحد يبلغ خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن لما مرض النبي -صلى الله عليه وسلم- ضعف صوته، فكان أبو بكر -رضي الله عنه- يسمع بالتكبير، وقد اختلف العلماء: هل تبطل صلاة المبلغ؟ على قولين في مذهب مالك، وأحمد وغيرهما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>