ج- وعن أَبِي جُحَيْفَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ - وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ) متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر: أورد فيه (أي البخاري) ثلاثة أحاديث، الثاني والثالث منها مطابقان للترجمة لكونه -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر أصحابه أن يتخذوا سترة غير سترته، وأما الأول وهو حديث بن عباس ففي الاستدلال به نظر، لأنه ليس فيه أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى سترة، وقد بوب عليه البيهقي: باب من صلى إلى غير سترة، وقد تقدم في كتاب العلم في الكلام على هذا الحديث في باب متى يصح سماع الصغير قول الشافعي أن المراد بقول بن عباس إلى غير جدار أي: إلى غير سترة، وذكرنا تأييد ذلك من رواية البزار.
وقال ابن عبد البر: حديث بن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه) فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد، فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث بان عباس هذا قال وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء. (نقله عنه في الفتح).
قال ابن قدامة: فإن سترة الإمام سترة لمن خلفه، نص عليه أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم، فلا يسن للمأموم أن يتخذ سترة، لأن الصحابة كانوا يصلون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يتخذ أحد منهم شيء.
وجاء في "الموسوعة الفقهية"(٢٤/ ١٧٧): " يسن للمصلي إذا كان فذاً (منفرداً)، أو إماماً أن يتخذ أمامه سترة تمنع المرور بين يديه، وتمكنه من الخشوع في أفعال الصلاة؛ وذلك لما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (إذا صلى أحدكم فليصل إلى
سترة، وليدن منها، ولا يدع أحدا يمر بين يديه)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- (ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم)
أما المأموم فلا يستحب له اتخاذ السترة اتفاقا; لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه، أو لأن الإمام سترة له " انتهى.