للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: وَلِّنِي ظَهْرَكَ.

رَوَاهُمَا النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ.

• وأما إذا كان مستقبل وجهه فيكره له الصلاة إليه، ويستحب له اتخاذ سترة أخرى بعيدة عنه.

قال ابن قدامة: يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ إنْسَانٍ; لِأَنَّ عُمَرَ أَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي حِذَاءَ وَسَطِ السَّرِيرِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، تَكُونُ لِي الْحَاجَةُ فَأَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ فَأَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَلَّ انْسِلَالًا). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ شِبْهُ السُّجُودِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ. (المغني).

وفي لفظ عند أحمد (رُبَّمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَأَنَا عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَتَكُونُ لِي الْحَاجَةُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ السَّرِيرِ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ بِوَجْهِي).

قال ابن رجب: وهذا يدل على أنها كانت تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكره أن يستقبله أحد بوجهه وهو يصلي، وكان ذلك ليلاً، ولم يكن في البيوت مصابيح، كما صرحت به عائشة في حديثها الآخر، فدل على كراهة استقبال المصلي وجه إنسان.

وروى ابن أبي شيبة بسند حسن عَنْ نَافِعٍ قَالَ (كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلاً إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، قَالَ لِي: وَلِّنِي ظَهْرَك).

وقال ابن بطال رحمه الله: ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرجل يستر الرجل إذا صلى، إلا أن أكثرهم كره أن يستقبله بوجهه.

وجاء في (الموسوعة الفقهية) ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّة وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى صِحَّةِ الاِسْتِتَارِ بِالآْدَمِيِّ فِي الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي التَّفَاصِيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>