للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• هل هذه السنن الرواتب تفعل في السفر أم لا؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين؟

والراجح أنها لا تفعل في السفر.

أ- فعن عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَالَ فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ حَيْثُ صَلَّى فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ قُلْتُ يُسَبِّحُونَ (أي يصلون تطوعاً) قَالَ لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا (أي مصلياً بعد الفريضة) لأَتْمَمْتُ صَلاتِي يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ

اللَّهُ وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة) رواه مسلم.

قال ابن القيم رحمه الله: (وهذا من فقهه رضي الله عنه فإن الله سبحانه وتعالى خفف عن المسافر في الرباعية شطرها فلو شرع له الركعتان قبلها أو بعدها لكان الإتمام أولى به.

وقال ابن حجر: ومراد ابن عمر بقوله (لو كنت مسبحاً لأتممت) يعني أنه لو كان مخيراً بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليهم. … (مسبحاً) المسبح هنا المتنفل.

أي: فإذا قصرت الفريضة تخفيفاً على المكلف، فترك التنفل بالرواتب من باب أولى.

ب- وكذلك يدل على مشروعية ترك السنن الرواتب:

ما صح عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا قَالَ (جَمَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ (أي في مزدلفة) كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) رواه البخاري.

ج- وما ثبت عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ (سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَطْنِ الْوَادِي خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئاً) رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>