واختلفوا في صلاة النهار:
فقالت طائفة: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
روي هذا القول عن الحسن، وسعيد بن جبير.
وممن قال: إن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى: مالك بن أنس، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل.
واحتج أحمد بأحاديث، منها: حديث ابن عمر في تطوّع النبي -صلى الله عليه وسلم- ركعتين بعد الظهر، وركعتان، وركعتان، وحديث العيد ركعتان، والاستسقاء ركعتان، و (إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين، قبل أن يجلس).
وذهبت طائفة: إلى أن صلاة الليل مثنى مثنى، ويصلي بالنهار أربعًا.
ثبت عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك.
عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، ويصلي بالنهار أربعًا أربعًا، ثم يسلّم.
وقال الأوزاعيّ: صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار إن شاء أربعا قبل أن يسلّم.
والراجح استحباب صلاة الليل مثنى مثنى لحديث ابن عمر وغيره، وأما صلاة النهار، فإن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا.
قال ابن قدامة: الْأَفْضَلُ فِي تَطَوُّعِ النَّهَارِ: أَنْ يَكُونَ مَثْنَى مَثْنَى.
لِمَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيُّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى). رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ السَّهْوِ، وَأَشْبَهُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ، وَتَطَوُّعَاتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّ الصَّحِيحَ فِي تَطَوُّعَاتِهِ رَكْعَتَانِ.
وَذَهَبَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ إلَى أَنَّ تَطَوُّعَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى لِذَلِكَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ تَطَوَّعَ فِي النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ فَلَا بَأْسَ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: صَلَاةُ النَّهَارِ أَخْتَارُ أَرْبَعًا، وَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَازَ.
وَيُشْبِهُهُ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَا تَسْلِيمَ فِيهِنَّ تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلِأَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) أَنَّ صَلَاةَ النَّهَارِ رُبَاعِيَّةٌ.