للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- ولحديث يَزِيدَ بْن الأَسْوَد (أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ، فَلَمَّا صَلَّى إِذَا رَجُلَانِ لَمْ يُصَلِّيَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَدَعَا بِهِمَا فَجِئَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا، إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ، فَلْيُصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَة) رواه أبو داود.

(تَرْعَدُ) أي ترتجف وترتعد. (فَرَائِصُهُمَا) الفرائص جمع فريضة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف، تهتز عند الفزع والخوف. (فِي رِحَالِنَا) الرحل هو المنزل الذي ينزله الإنسان. (فَلَا تَفْعَلَا) أي: لا تفعلا في الجلوس خلف الصفوف، هذا التفسير هو ظاهر الحديث، وقيل: لا تفعلا: أي الصلاة في الرحال.

فالحديث دليل على أن من صلى في جماعة أو منفرداً، ثم دخل مسجد ووجدهم يصلون، فإنه يسن له أن يدخل معهم ويصلي، وذهب بعض العلماء: إلى أن من صلى في بيته وحده ثم دخل المسجد فأقيمت تلك الصلاة يصليها معهم، ولا يخرج حتى يصلي، وأما من صلى جماعة فلا يعيد ورجح هذا القول ابن عبد البر.

والراجح القول الأول، وأنه يعيد سواء صلى وحده أو مع الجماعة عملاً بظاهر النص.

لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، فإنه -صلى الله عليه وسلم- ما استفصل.

• فإن قال قائل: ما الجواب عن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) رواه أحمد؟

قال الشوكاني: قال في الاستذكار: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية على أن معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين) أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضاً، وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة، اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في أمره بذلك، فليس ذلك من إعادة الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة، والثانية نافلة، فلا إعادة حينئذٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>