قال السعدي: والصحيح أنه يجوز ائتمام المفترض خلف المتنفل لقصة معاذ، وذلك صريح في المسألة، وكذلك قصة عمرو بن سلِمَة الجَرمي أنه كان إماماً لقومه وهو صبي، دليل على صحة ائتمام المفترض بالمتنفل، ودليل أيضاً على صحة إمامة الصبي في الفرض والنفل.
• وأجاب هؤلاء عن حديث (فلا تختلفوا عليه): أن المقصود لا تختلفوا عليه في الأفعال الظاهرة لا النيات.
قال السعدي: وأما تعليل المانعين بأن المأموم إذا نوى صلاته فرض والإمام نواها نفلاً، أن ذلك اختلاف يدخل تحت قوله -صلى الله عليه وسلم- (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا) فليس الأمر كما ذكروا لوجهين:
أحدهما: أن مراده -صلى الله عليه وسلم- بالاختلاف المذكور مخالفةٌ بالأفعال، كمسابقة الإمام، أو التخلف عنه، وليس مراده بذلك مخالفته النية، وبقية الحديث يوضحه جداً، فإنه قال فيه بعد قوله (فلا تختلفوا علي، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا … ) وهذا ظاهر.
الوجه الثاني: أنهم أجازوا النفل خلف الفرض، وهذا مخالفة في النية، فدل على أن هذا المعنى غير معتبر.
وهذا القول هو الراجح.
• فائدة: أجاب أصحاب القول الأول عن حديث معاذ بأجوبة ضعيفة:
أ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلم بذلك.
والجواب على هذا من وجهين:
أولاً: إن كان قد علم فهو المطلوب.
ثانياً: وإن لم يعلم فإن الله تعالى قد علم فأقره، ولو كان هذا أمراً لا يرضاه الله لم يقره على فعله. (الشرح الممتع).
ب- أن معاذاً كان يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بنية النافلة.
والجواب عن هذا:
أن هذا جواب ضعيف، لأن رواية (هي له تطوع ولهم مكتوبة) تنفي هذا الاحتمال.