فائدة ١: قوله (ولا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ).
أي: لا يزال قوم يعتادون التأخر عن الصف الأول، أو عن الصفوف الأولى حتى يعاقبهم الله تعالى فيؤخرهم.
قيل معناه: يؤخرهم عن رحمته أو جنته، أو عظيم فضله، أو عن رفع المنزلة، أو عن العلم.
ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني.
قال الشيخ ابن عثيمين في معنى الحديث:
رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- قوماً يتأخرون في المسجد يعني: لا يتقدمون إلى الصفوف الأولى فقال: (لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله).
وعلى هذا فيخشى على الإنسان إذا عود نفسه التأخر في العبادة أن يبتلى بأن يؤخره الله عز وجل في جميع مواطن الخير.
وذهب بعض العلماء إلى أن المقصود بهذا جماعة من المنافقين، والصحيح أن الحديث عام وليس خاصاً بالمنافقين.
قال الشوكاني: قيل: إن هذا في المنافقين. والظاهر أنه عام لهم ولغيرهم، وفيه الحث على الكون في الصف الأول، والتنفير عن التأخر عنه. اهـ
والحاصل أن الحديث فيه الترغيب في صلاة الرجل في الصف الأول أو الصفوف الأولى، وذم اعتياده الصلاة في الصفوف المتأخرة.
فائدة ٢: ورد في تفضيل ميمنة الصف على ميسرته أحاديث؛ منها
أ-حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) أخرجه أبوداود وغيره؛ وهو حديث شاذٌ بهذا اللفظ، أخطأ فيه معاوية بن هشام. قال ابن حجر: إسناده حسن.
ب- حديث ابن عباس مرفوعاً بمثل اللفظ السابق أخرجه ابن عدي في الكامل؛ وهو ضعيفٌ جداً.
ج-حديث أبي برزة الأسلمي قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إن استطعتَ أن تكون خلفَ الإمام وإلا فعن يمينه) وقال: هكذا كان أبوبكر وعمر خلف النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخرجه الطبراني والبيهقي بسند ضعيف جداً.
وهذه الأحاديث كلها صريحةٌ في دلالتها؛ لكنها لا تصح.
وقد جاء حديث في صحيح مسلم البراء بن عازب قال) كنا إذا صلينا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه يُقبِل علينا بوجهه؛ قال: فسمعته يقول: ربِّ قني عذابك يوم تبعث عبادك).