• تنبيه:
ذهب بعض العلماء: إلى أن الجمع خاص بمن جدّ به السير.
لحديث ابن عمر السابق (رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين المغرب والعشاء إذا جدّ به السير).
وذهب الأكثر إلى جوازه للجادّ بالسير والمقيم.
لحديث مُعَاذٍ -رضي الله عنه- قَالَ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا) رَوَاهُ مُسْلِم
وتستفاد دلالته على جمع النازل من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكث في تبوك عشرين ليلة.
وقد رواه مالك ومن طريقه مسلم ولفظه ( … حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا).
وهذا يدل على أنه جمع وهو نازل غير سائر.
قال ابن قدامة: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ، وَأَقْوَى الْحُجَجِ، فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إلَّا إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ، مَاكِثٌ فِي خِبَائِهِ، يَخْرُجُ فَيُصَلِّي الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إلَى خِبَائِهِ.
وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " قَالَ: فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.
وَالْأَخْذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ (مُتَعَيَّنٌ)؛ لِثُبُوتِهِ وَكَوْنِهِ صَرِيحًا فِي الْحُكْمِ، وَلَا مُعَارِضَ لَهُ، وَلِأَنَّ الْجَمْعَ رُخْصَةٌ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ، فَلَمْ يَخْتَصَّ بِحَالَةِ السَّيْرِ، كَالْقَصْرِ وَالْمَسْحِ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ التَّأْخِيرُ، لِأَنَّهُ أَخْذٌ بِالِاحْتِيَاطِ، وَخُرُوجٌ مِنْ خِلَافِ الْقَائِلِينَ بِالْجَمْعِ، وَعَمَلٌ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا. (المغني).
قال الشيخ ابن عثيمين: الأفضل للمسافر النازل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس، وفي حق السائر مستحب.
• قوله (بين الظهرين، وبين العشاءين) فلا يجمع إلا بين الظهرين، أو العشاءين.
وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من العلماء.
قال ابن عبد البر: أجمع المسلمون على أنه ليس لمسافر، ولا مريض، ولا في حال المطر، يجمع بين الصبح والظهر، ولا بين العصر والمغرب، ولا بين العشاء والصبح، وإنما الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء.
وقال النووي: ولا يجوز جمع الصبح إلى غيرها، ولا المغرب إلى العصر بالإجماع.