للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْجَمْعَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ، فَيَخْتَصُّ بِمَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ، دُونَ مَنْ لَا تَلْحَقُهُ؛ كَالرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، يَخْتَصُّ بِمَنْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ، دُونَ مِنْ لَا تَلْحَقُهُ، كَمَنْ فِي الْجَامِعِ وَالْقَرِيبِ مِنْهُ. (المغني).

قال النووي: ثم هذه الرخصة لمن يصلي جماعة في مسجد يأتيه من بُعدٍ ويتأذى بالمطر في إتيانه، فأما من يصلي في بيته منفردًا أو في جماعة … فلا يجوز الجمع على الأصح.

وهذا الراجح، أنه لا يجوز.

• قوله (وبين العشاءين لمطرٍ … ) دليل على أنه لا يجوز الجمع بين الظهرين من أجل المطر.

وهذا المذهب.

قال ابن قدامة: فَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ.

قَالَ: الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْمَطَرِ؟ قَالَ: لَا، مَا سَمِعْت.

وَهَذَا (اخْتِيَارُ) أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ حَامِدٍ، وَقَوْلُ مَالِك.

وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ؛ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْمَشَقَّةِ لِأَجْلِ الظُّلْمَةِ وَالْمَضَرَّةِ، وَلَا الْقِيَاسُ عَلَى السَّفَرِ؛ لِأَنَّ مَشَقَّتَهُ لِأَجْلِ السَّيْرِ وَفَوَاتِ الرُّفْقَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هَاهُنَا. … (المغني).

وذهب بعض العلماء: إلى جواز الجمع بين الظهرين لهذا السبب.

وهذا قول الشافعية، واختاره ابن تيمية.

أ-لحديث ابن عباس السابق (جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِى غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ).

وجه الدلالة من وجهين:

الأول: أنه إذا ثبت الجمع منه -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، لسبب غير الخوف والمطر، فالجمع لهذه الأمور أولى، لأنه إذا جمع ليرفع الحرج من غير خوف ولا مطر، فالحرج الحاصل بالمطر أولى أن يرفع، والجمع له أولى من الجمع لغيره.

الثاني: أن في نفي ابن عباس للخوف والمطر دليلاً على أن هذه الأسباب مما استقر عندهم جواز الجمع لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>