قال: وأخبرني أعرابيٌّ من أهل السَّراة - وهي مَعْدِنُ الضَّبِر - قال: الضَّبِرُ شجرةٌ عظيمةٌ في عِظَم شجرةِ الجَوْز العظيمة، وورقُها مُدَوَّر عظيم نحو الكَفِّ، وهي كثيرة الورقِ جِدّا، ولذلك هي ظليلةٌ، وذكر كلامًا طويلًا.
قال: والضُّبّار، بالضَّمّ والتشديد: قريبُ الشَّبَهِ من شَجَر البَلُّوط، وحَطَبُه جَيِّدٌ مثلُ حطب المَظِّ، قال: فإذا جُمع حَطَبُه رَطْبًا، ثم أُشعِلت فيه النارُ، فَرْقَعَ فَرْقَعَةَ المَخارِيق، ويُفعَل ذلك بقُربِ الغِياضِ التي فيها الأُسْد فتهرُب، الواحدة ضُبّارة.
وقال الجوهريّ: قال العَجّاج يمدح عُمَرَ بنَ عُبَيد الله بنِ مَعْمَرٍ القُرَشِيّ:
لقد سَمَا ابنُ مَعْمَرٍ حين اعْتَمَرْ
مَغْزًى بعيدًا من بعيدٍ وضَبَرْ
تَقَضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ
وبين " لقد سما " و " تَقَضِّي " مع تقديم أحدِهما على الآخر سبعةٌ وسبعون مَشْطُورًا.
وقال الجوهريّ أيضا: قال الرّاجز يصفُ ناقة:
تَرَى شُؤُون رأسِها العَوَارِدا
مَضْبُورَةً إلى شَبًا حَدائِدا
ضَبْرُ بَراطِيلَ إلى جَلامِدا
قوله " يصف ناقة " غَلَطٌ، وإنما يصف جَمَلًا، وهذا موضِع المَثَل: " اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، والرَّجَزُ لأَبي محمد الفَقْعَسيّ، والروايةُ " شُؤُونَ رَأسِه " وقد سَقَطَ بين المَشْطُور الأول والثاني مَشْطُورانِ، وهما:
الخَطْمَ واللَّحْيَيْن والأَرائِدا
وحيثُ تَلْقَى الهامةُ الأَصائدَا
" مَأْرُومَةً " بدل " مَضْبُورَةً ". ويُرْوَى " شَبَا حَدائِدَا " بِلا تَنْوِينٍ على الإضافة، " وشَبًا حدائدا " بالتنوين على الصِّفة.
والضِّبْرُ، بالكسر: الإبْطُ، قال جَنْدَل:
ولا يَؤُوبُ مُضْمَرًا في ضِبْرِي
زادِي وقد شَوَّلَ زادُ السَّفْرِ
أي لا أَخْبَأُ طعامِي في السَّفَرِ، فأَؤُوبُ به إلى بَيْتي وقد نَفِدَ زادُ أصحابِي، ولكنْ أُطعِمُهم أيّاه.