الحَرْفُ في اصْطلاح النُّحاةِ: ما دَلَّ على مَعْنًى في غَيْرِه، ومِنْ ثَمَّ لم يَنْفَكَّ من اسْمٍ أو فِعْلٍ يَصْحَبُه إلّا في مَواضِعَ مَخْصُوصَةٍ حُذِفَ فيها الفِعْلُ واقْتُصِرَ على الحَرْفِ فجَرَى مَجْرَى النّائِبِ، نَحْوُ قَوْلِك:" نَعَمْ، وبَلَى، وإي، وإِنَّهْ، ويا زَيْدُ "، و " قَدْ " في مثلِ قَولِ النّابِغَةِ الذُّبيانيّ:
وقيلَ في قَوْلِه صلى الله عليه وسلم:" نَزَلَ القُرْآنُ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ؛ كُلُّها كافٍ شافٍ، فاقْرَءُوا كما عُلِّمْتُمْ " أقْوالٌ؛ فقيلَ: يَعْني سَبْعَ لُغاتٍ من لُغاتِ العَرَبِ. قال أبُو عُبَيْدٍ: ولَيْس مَعْناه أَنْ يكونَ في الحَرْفِ الواحدِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ، لَمْ نَسْمَعْ به. قال: ولكِنْ نَقُول: هذه اللُّغاتُ السَّبْعُ مُتَفَرِّقَةٌ في القُرْآنِ، فبَعْضُه بلُغَةِ قُرَيْشٍ، وبَعْضُه بلُغَةِ هَوازِنَ، وبَعْضُه بلُغَةِ أَهْلِ اليَمَنِ، وكذلك سائرُ اللُّغات، ومَعانيها في هذا كُلِّه واحِدَةٌ. قالَ: وممّا يُبَيِّنُ ذلك قَوْلُ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عنه: إنِّي قد سَمِعْتُ القَرَأَةَ فوَجَدْتُهُمْ مُتَقارِبِينَ، فاقْرَءُوا كما عُلِّمْتُمْ، إنّما هِيَ كقَوْلِ أَحَدِكم: هَلُمَّ، وتَعالَ، وأَقْبِلْ. وسُئِلَ ثَعْلَبٌ عن الأَحْرُفِ فقالَ: ما هِيَ إلّا لُغاتٌ.