ونَفِسَتِ المرأةُ - بالكسر - أي حَاضَتْ، ومنه حديثُ أمّ سلَمة - رضي الله عنها -: " كُنْتُ مع النبيّ صلّى الله عليه وسلم في الفِراش فحِضْتُ، فانْسَلَلْتُ وأخذتُ ثيابَ حِيضَتِي ثم رَجَعْت، فقال: " أَنَفِسْتِ؟ " أي أَحِضْتِ؟
ويقالُ: شَرَابٌ غيرُ ذي نَفَسٍ، إذا كان كريهَ الطَّعْم آجِنًا، إذا ذَاقَهُ ذائقٌ لم يتنفَّسْ فيه، وإنّما هي الشَّرْبة الأولى قَدْرَ مَا يُمْسِكُ رَمَقَهُ، ثم لا يعودُ له لِأُجُونَتِه، قال الرّاعي:
وشربةٍ من شرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ ... في كوكبٍ من نجوم القَيْظِ وَهَّاجِ
قال ابنُ الأعرابيّ: شرابٌ ذُو نَفَسٍ، أي فيه سَعَةٌ وَرِيٌّ.
وقولُ النبيّ صلى الله عليه وسلم: " أجِدُ نَفَسَ رَبِّكم مِنْ قِبَل اليمَن "، قيل إنه عَنَى بذلك الأنصار؛ لأنّ الله عز وجل نفَّس الكُرَبَ عن المؤمنين بهم، وآوَوْهم ونَصَرُوهم.
وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لا تسبُّوا الرّيح؛ فإنّها من نَفَس الرَّحْمن "، يُريد أنّه بها يفرِّج الكُرَبَ، وينشُر الغيث، ويُذْهِبُ الجدْب.
قال الأزهريّ: النَّفْس في هذين الحديثين اسمٌ وُضِع موضِعَ المصدر الحقيقيّ؛ من نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيسًا ونَفَسًا، كما يقال: فَرَّج الهمّ عنه تَفْرِيجًا وفَرَجًا، فالتّفريج مصدرٌ حقيقيّ، والفرَجُ اسم يوضع موضع المصدر، كأنه قال: أجدُ تَنْفِيسَ رَبِّكم من جِهَةِ اليمنِ، والرّيح من تَنْفِيس الرّحمن بها عن المكروبين، وتَفْرِيجِه عن الملهوفين.
وقال ابن شُمَيلٍ: نَفَّس فلانٌ قوسَه، إذا حَطَّ وَتَرَها.