للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمِيداعَةُ: الثَّوْبُ المُبْتَذَلُ، مثلُ المِيدَعِ والمِيدَعَةِ.

ويُقال: ما لَهُ مِيدَعٌ، أي ما لَهُ مَنْ يَكْفِيه العَمَلَ فيَدَعُهُ، أي يَصُونُهُ عنه، أنشد أبو عَدْنانَ:

في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أرْبَعُ

مُبْتَذَلاتٌ ما لَهُنَّ مِيدَعُ

أي ما لَهُنَّ مَنْ يَكْفِيهنَّ العَمَلَ فيَدَعُهُنّ، أي يَصُونُهُنَّ عن العَمَلِ.

وقال اللِّحيانيّ: كَلامٌ مِيدَعٌ: إذا كانَ يُخْزَنُ؛ وذلك إذا كان كَلامًا يُحْتَشَمُ منْه ولا يُسْتَحْسَنُ.

واتَّدَعَ: إذا تَقارَّ.

وقولُه تَعالى: (فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ) أي مُسْتَوْدَعٌ في الصُّلْبِ، وقيل: في الثَّرَى.

والمُسْتَوْدَعُ في قول العَبّاس بن عبد المُطَّلِبِ، رَضِيَ الله عنه، يمدحُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم:

مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلال وفي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ

المَكانُ الّذي جُعِلَ فيه آدَمُ وحَوّاءُ عليهما السّلام من الجَنَّةِ واسْتُودِعاهُ. وقوله: يُخْصَف الوَرَقُ، عَنَى به قولَه تَعالى: (وطَفِقَا يَخْصِفانِ عَليْهِما مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ).

ويقال: تُوُدِّعَ مِنِّي، على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه، أي سُلِّمَ عَلَيَّ.

وأمّا حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم: " إذا لَمْ يُنْكِرِ الناسُ المُنْكَرَ فقَدْ تُوُدِّعَ مِنهم "، فمعناه: استُرِيحَ منهم، وخُذِلُوا وخُلِّيَ بَيْنهم وبَيْنَ ما يَرْتَكِبُون من المَعاصِي، وهو من المَجازِ؛ لأنَّ المُعْتَنِي بإصْلاح شَأْنِ الرَّجُلِ إذا أَيِسَ من إصْلاحِه تَرَكَه ونَفَضَ يَدَهُ منه، واسْتَرَاحَ مِنْ مُعاناة النَّصَبِ في اسْتِصْلاحِهِ. ويجوز أنْ يكونَ من قَوْلهم: تَوَدَّعْتُ الشيءَ، أي صُنْتُه في مِيدَع. قال الراعي:

ثَناءٌ تُشْرِق الأحْسابُ مِنْه ... به نَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونَا

أيْ: فقد صارُوا بحَيْثُ يُتَحَفَّظُ منهم ويُتَصَوَّنُ، كما يُتَوَقَّى شِرارُ الناسِ.

وتَوَدَّعَ فلانٌ فلانًا: إذا ابْتَذَلَه في حاجَتِهِ، فكَأَنَّه مِن الأضْدادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>