للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوَدَّعْنَ أَقْوَاعَ الشَّمَالِيلِ بَعْدَ مَا ... ذَوَى بَقْلُهَا أَحْرَارُها وذُكُورُهَا

وقال أبو عَمْرٍو: الشِّمْلالُ: اليَدُ الشِّمَالُ.

وقال أبو عُبَيْدَةَ، في قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:

كأَنِّي بفَتْخَاءِ الجَنَاحَيْنِ لِقْوَةٍ ... عَلَى عَجَلٍ مِنْهَا أُطَأْطِئُ شِيمَالِي

فمَنْ رَوَى بزيادةِ ياءٍ بَيْنَ الشينِ والميمِ أَنَّهُ أرادَ " الشِّمَالَ "، فزادَ ياءً، كما قالوا: رَجُلٌ أَلَدُّ، وأَلَنْدَد، فزادوا نُونًا، وقالوا: ذُبَّالٌ، وإنَّما هو ذُبَالٌ.

والرِّيحُ الشَّمَالُ، فيها لُغاتٌ، ذَكَرَ منها الجوهريُّ سِتًّا، والسَّابعةُ: شَوْمَلٌ، مثال " حَوْمَلٍ "، والثامنةُ: شَمُولٌ، مثال " شَكُورٍ "، والتَّاسِعَةُ: شَيْمَلٌ، مِثالُ " خَيْفَقٍ ".

وقال ابنُ السِّكِّيتِ؛ في قولِ زُهَيْرٍ:

جَرَتْ سُنُحًا فقُلْتُ لَهَا أَجِيزِي .... نَوًى مَشْمُولَةً فمَتَى اللِّقَاءُ

أي: سَرِيعَةُ الانْكِشَافِ؛ أَخَذَه مِنْ أَنَّ الرِّيحَ الشَّمَالَ إذا هَبَّتْ بالسَّحَابِ لم يَلْبَثْ أَنْ يَنْحَسِرَ ويَذْهَبَ.

وقال، في قَوْلِ أبي وَجْزَةَ:

مَجْنُوبَةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَواعِدُها ... مِنَ الهِجَانِ الجِمَالِ الشَّطْبَةِ القَصَبِ

قَوْلُه " مَجْنُوبةُ الأُنْسِ "؛ أي: أُنْسُها مَحْمُودٌ؛ لأنَّ الجَنُوبَ مَعَ المَطَرِ تُشْتَهَى لِلْخِصْبِ. وقَوْلُه " مَشْمُولٌ مَوَاعِدُها "؛ أي: لَيْسَتْ مَوَاعِدُها بِمَحْمُودَةٍ.

وفي حَديثِ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، أنَّه ذَكَرَ القُرْآنَ، فقالَ: " يُعْطَى صَاحِبُة يَوْمَ القِيَامَةِ المُلْكَ بيَمِينِه والخُلْدَ بشِمَالِه ": لم يُرِدْ أَنَّ شَيْئًا يُوضَعُ في يَمِينِه ولا في شِمَالِه، وإنَّما أرادَ أنَّ المُلْكَ والخُلْدَ يُجْعَلانِ له، وكُلُّ مَنْ يُجْعَلُ لَهُ شَيْءٌ فمَلَكَه فقد جُعِلَ في يَدِه وفي قَبْضَتِه، ومِنْه يُقال: الأَمْرُ في يَدِكَ؛ أي: هو في قَبْضَتِكَ؛ ومِنُه قَوْلُ اللهِ، عَزَّ وجَلَّ: (بِيَدِكَ الخَيْرُ)؛ أي: هُوَ لَهُ وإِلَيْهِ. وقالَ اللهُ: عَزَّ وجَلَّ: (الَّذِي بِيَدِه

<<  <  ج: ص:  >  >>