وفي المَثل: نام نَوْمَةَ عَبُّودٍ، وأَنْوَمُ من عَبُّود. قال الشَّرْقيُّ: أَصْلُ ذلك: أنّ عَبُّودًا، هذا، كان رَجُلًا تَمَاوت على أَهْله، وقال: انْدُبْنَني لأَعْلَمَ كَيف تَنْدُبْنَنِي مَيِّتًا؛ فنَدَبْنه، ومَات على الحال.
ورَوَى محمدُ بنُ كَعْب القُرَظِيّ، مُعْضَلًا: أن أوّلَ الناسِ دُخولًا الجَنَّةَ عبْدٌ أَسْودُ، يُقال له: عَبُّودٌ، وذلك أنّ لله، عَزّ وجَلّ، بَعَث نَبيًّا إلى أَهْل قَرْيَةٍ، فلم يُؤْمِن به أَحَدٌ إلّا ذلك الأَسْوَدُ، وأنّ قَوْمَه احْتَفرُوا له بِئْرًا فصَيَّروه فيها، وأَطْبَقُوا عليه صَخْرَةً، وكان ذلك الأَسْودُ يَخْرُج فَيَحْتطِب فيَبيع الحَطَبَ ويَشْتَري به طَعَامًا وشَرَابًا، ثم يَأتِي تلك الحُفْرةَ، فيُعِينه الله على تِلك الصَّخْرة فيَرْفَعُها ويُدْلِي إليه ذلك الطَّعَامَ والشَّرَابَ، وأنّ الأَسْوَدَ احْتَطَب يومًا ثم جَلَسَ لِيَسْتريحَ، فضَرَبَ بنَفْسه شِقَّهُ الأَيْسَرَ، فنَامَ سَبْعَ سِنينَ، ثم هَبَّ مِن نَوْمَته وهو لا يَرَى أنَّه نامَ إلَّا سَاعَةً مِن نَهارٍ، فاحْتَمَل حُزْمَتَه فأتَى القَرْيَةَ، فباع حَطَبَه، ثم أَتَى الحُفْرَةَ فلم يَجد النَّبِيَّ فيها، وكان قد بَدَا لِقَوْمه فيه وأَخْرَجُوه، فكان يَسْأل عن الأَسود، فيَقولُون: لا نَدْري أيْن هو؟ فضُرِبَ به المَثَلُ لكُلِّ من نَام نَوْمًا طَوِيلًا.
وقيل: كان عَبُّودٌ عَبْدًا أَسْوَدَ حَطَّابًا، فغَبَر في مُحْتَطَبِه أُسْبُوعًا لَمْ يَنَمْ، ثم انْصَرف وبَقِي أُسْبُوعًا نائمًا، فضُرِب به المَثلُ، وقيل: نامَ نَوْمَةَ عَبُّودٍ.